هذا هو الذي يجب أن يكون بداية ونهاية!

TT

ليس من الضروري أن يمر الأطفال والشبان هذه الأيام بما عانيناه من قبل من أجل قراءة كتاب.. أي كتاب.. أو مجلة فقد تغيرت دنياهم وأصبح من السهل أن تجد مائة كتاب في مكان واحد. وأن تكون كل الكتب جديدة رخيصة، ولم يعد من الضروري أن يبحث الواحد منهم عن شجرة يسند إليها ظهره، أو عمود نور يقرأ تحته كما كنا نفعل!!

ولم يعد أحد مضطراً إلى أن يقرأ ما يجد من الكتب التي لا تهمه. فقد تنوعت الكتب ودور النشر والمكتبات العامة والكاسيتات والكمبيوتر وكلها بين أصابعه. فقد تطورت صناعة الكتب وأشكال عرضها وليس أسهل من أن تعرف أي شيء عن أي شيء في أي وقت.. وهذا هو الفارق بيننا وربما كان هناك فارق آخر هو الرغبة القوية في المعرفة والإيمان بأنه من غير معرفة لا علم.. ومن غير علم لا تقدم.. ومن غير تقدم لا حضارة كانت أو سوف تكون..

وكانت بعض تصرفاتنا ونحن صغار كأنها نكتة، ولكن لم نقصدها. فعلى ظهر الحمار أنتقل من القرية إلى المدينة لكي أستعير بعض الكتب.. ولا أكاد أصل إلى بيتنا حتى أكون قرأتها. وأستأذن والدي في أن أعود لأستعير كتباً غيرها ولا وجدت في ذلك نكتة.. ولا سمعت والدي يرويها على أنها من عجائب القراءة وشذوذ السلوك من المتعطشين إلى المعرفة!!

وكنا عندما نسافر إلى أوروبا يبهرنا شيء لا نعرفه وهو أن نجد أناساً يقرأون في الترام واقفين أو جالسين. وإذا نزلوا نجد أن بعضهم قد ترك الكتب في المقاعد أي قرأها وفرغ منها وتركها. وفي الدول الشيوعية كانت الكتب والأسطوانات أرخص وفي الأتوبيسات والمترو صناديق لتركها بعد قراءتها. وكانت للكتب في الدول الشيوعية ميزة باهرة أعجبتني وسحرتني: وهي تبسيط العلوم لتكون مفهومة عند أقل الناس ثقافة. وهي تدل على أن هناك جيوشاً من المؤلفين والشارحين على درجة رفيعة من الفهم والقدرة على الإقناع.

وقبل أن نحسد أطفال اليوم وشبابه على الوسائل السهلة للمعرفة، فإننا يجب أن نتساءل إن كانت رغبتهم في المعرفة وزيادة المعرفة والمتعة في أثناء ذلك هي الدافع الحقيقي فهذا هو الذي يهم، وهذا هو الذي يجب أن يكون بداية ونهاية القراءة!