شوارب العرب

TT

يبدو أن العرب سيفقدون شواربهم من كثرة الرهان عليها، والزج بها في مختلف القضايا، وهذا الكاتب الكويتي المعروف فؤاد الهاشم، قد راهن على حلق نصف شاربه إن نجحت قطر في إيجاد حل للأزمة اللبنانية عبر مقال له في صحيفة «الوطن» الكويتية يتراجع اليوم عن تعهده، ويعلل بأن الحل ليس مجرد تقبيل اللحى، وأن مثل ذلك المنظر الذي حدث في قطر رأيناه كثيرا بين الفلسطينيين، وبعدها حصل ما حصل.. المهم أن نصف شارب الهاشم ـ كما تعهد ـ مرهون بصمود الاتفاق اللبنــــاني لمدة شهر، بعدها سينزع شاربه كله أو نصفه بحسب مزاج الحلاق اللبناني..

أعرف أن شارب الهاشم لا يهم سوى الهاشم وحده، ولكنها رمزية الشارب عند العرب التي أفردت لها ذات يوم مقالا بعنوان «حرب الشوارب»، حينما تصدرت هذه الصحيفة صورة لاثنين من قيادة حركة فتح يحلقان شاربيهما في وسط رام الله تضامنا مع أحد قادة فتح في غزة، الذي اتهم حماس بحلق شاربيه وشعر رأسه بعد اعتقاله..

وفي عالمنا العربي يقال: «قطع الرؤوس ولا حلق الشوارب»، ونشأ هذا القول بعد أن افترى الحكام المماليك ذات زمن في شواربنا العربية تنكيلا وحلقا، فلقد توسع أولئك في عقوبة حلق الشوارب بعد أن فطنوا لعزة الشوارب في أدبيات العرب، الذين يقسمون بمن أنبت الشوارب في وجوههم، وميزهم عن النساء.

وتعهد الكاتب الهاشم بحلق نصف شاربه جعلني أتأمل الصورة المنشورة له، فلم يكن يندرج شاربه ضمن تلك الشوارب العربية الشهيرة التي تقف على أطرافها العصافير، وتتعلق الفراشات، وتختبئ الظلال، كما لا أتخيل أن الهاشم ممن يعظم الشوارب بالصورة التي سيندم لو تعرض نصف شاربه أو كله للحلق مقابل الرهان على اتفاق الدوحة.

أغلب الظن أن الهاشم سيخسر شاربه بعد شهر، وهي المدة التي حددها لصمود الاتفاق، إن استطاع مناضلو القنوات الفضائية اللبنانية ابتلاع ألسنتهم، والكف عن رمي بحيرة الاتفاق بحجارة الكلام، فالقنوات الفضائية اللبنانية لم تزل تعيش أجواء ما قبل الاتفاق، وكأن هدنة السياسيين غير ملزمة لجنرالات الإعلام.. فلك الله يا لبنان.

[email protected]