قراءة طائفية في الانتخابات الكويتية

TT

جرت الانتخابات الكويتية العامة لمجلس الأمة السبت الماضي، أضاف الكويتيون في سجل مسيرتهم الديمقراطية ممارسة سلمية لسجل امتدت منذ العام 1962م، حيث أقبل الرجال والنساء على الصناديق بشكل سلمي وحضاري، وهذه نقطة تسجل لصالح الكويت وشعبها بغير النظر عن نتائجها.

كانت نسبة الإقبال في الانتخابات الكويتية أقل مما سبقها، ولم تتجاوز الـ70%. البعض أرجع الإحجام بأن التصويت تم للمرة الأولى وفقا للدوائر الخمس بدلا من الخمس والعشرين التي سادت على مدى الثلاثين عاما الماضية. البعض الآخر أرجع تراجع أعداد الناخبين إلى زيادة جرعة الإحباط وتشابه وتكرار الأجندة الانتخابية.

وللمرة الثانية على التوالي، يفشل الكويتيون ـ أو قل الكويتيات ـ في إيصال امرأة واحدة إلى البرلمان، على الرغم من أن أعداد النساء الناخبات تفوق أعداد الناخبين الرجال. البعض رأى أن عدم وصول المرأة لا يعني الفشل، فقد حققت أرقاما قياسية مقارنة بالزمن القصير لتجربتها في الانتخابات. فالمرة الأولى لمشاركة المرأة كانت قبل عامين (2006)، وبعض المرشحات حزن الأسبوع الماضي أصواتا في الدوائر أكثر مما حاز الرجال في دوائر أخرى أوصلتهم إلى قبة البرلمان.

شاب الانتخابات هذا العام تضارب في جمع أعداد الأصوات النهائية، فقد تضاربت الأرقام بين ما كان يبثه التلفزيون الرسمي وبين وما أعلن من نتائج نهائية من قبل قضاة العدل المشرفين على الانتخابات. وقد يعود هذا التفاوت لكبر حجم الدوائر أو لقلة الخبرة في استخدام نظام الفرز الجديد.

أجمع المراقبون على أن الانتخابات أفرزت مجلسا قبليا وسلفيا. فقد رشحت الحركة السلفية خمسة مرشحين نجح منهم أربعة ـ أي 80% من مرشحيها. إلى جانب خمسة آخرين قريبين من الحركة أي ما نسبته 20% من تركيبة المجلس.

محللون رأوا أن ما جرى من سيطرة للتيار الديني هو انعكاس للحالة الدينية ـ السياسية التي تجتاح المنطقة، لا بل إنها نتيجة حتمية للازدواجية التي تمارسها المؤسسات الرسمية العربية التي تدعي الديمقراطية ـ بما في ذلك الكويت نفسها.

وراح من يدعون الليبرالية يضربون أخماسا بأسداس، ويصفون ما جرى بأنه انقلاب سلفي على الديمقراطية ويتداولون النكات والطرائف عبر الرسائل الهاتفية: الدائرة الفلانية تورا بورا والدائرة الأخرى قم، المجلس الجديد يصدر تشريعا بمنع تدريس الإناث.. إلخ.

لكن كثيرين أغفلوا الأجواء الإقليمية التي رافقت الانتخابات الكويتية، فالكويت لا تعيش في كوكب آخر بعيدا عن محيطها العربي والإقليمي، فقد جرت الانتخابات في أجواء من الاحتقان الطائفي والاصطفاف المذهبي البغيض. فالعراق تقوده حكومة طائفية، والطائفية السياسية بدأت فيه منذ بدايات التسعينات على يد صدام، وأخذت أشكال التطهير الطائفي على يد من خلفوه. ولبنان عاش أياما من الانقلاب الدموي على بيروت من قبل حزب الله وأعوانه، وقد فهم الآخرون الانقلاب على أنه انقلاب شيعة على سنة، مهما أومأ حسن نصر الله بسبابته، ومهما أومأ ميشال عون برأسه. بل إن الكويت نفسها عاشت أسابيع من الاحتقان الطائفي على خلفية تأبين نائبين شيعيين مؤيدين لحزب الله لعماد مغنية الذي اغتيل في دمشق في فبراير الماضي.

كثيرون صوتوا للسلف في الكويت على خلفية التعبئة الطائفية، فالسلف أشد السنة ـ السياسية تمحورا حول الطائفة و«نقاء» تعاليم المذهب السني، وأصوات كثيرة توجهت لهم انعكاسا للأجواء الطائفية الشيعية ـ السنية التي تعيشها المنطقة.

الشيعة ـ السياسية حققت خمسة مقاعد في الدائرة الأولى التي يمثل فيها الشيعة غالبية، ومقاعد الدائرة العشرة تناصفها الشيعة والسنة وفقا للاستقطاب الطائفي قبل أي معيار آخر.

غاب عن البعض فهم غياب العقل في حال الاصطفاف الطائفي والقبلي، والفهم الصحيح للكثرة السلفية البرلمانية يعتبر في البعد الطائفي في الانتخابات الكويتية.