«حماس» ومأزق العودة

TT

رحبت قيادة «حماس» باتفاق الدوحة، الذي أعاد تحريك العملية السياسية بين الفرقاء اللبنانيين، ولم تخف الحركة في كثير من تصريحاتها رغبتها في تحرك عربي على غرار اللجنة العربية المنبثقة من قبل الجامعة العربية، لإنهاء القطيعة بين «حماس» و«فتح».

فهل عادت «حماس» إلى رشدها، بعد أن ارتكبت خطيئة في حق القضية والمواطنين الفلسطينيين، أم أن الأحداث السياسية الأخيرة قد أربكت قادة «حماس» فبدأوا يتحسسون رؤوسهم خوفا من القادم؟

«حماس» اليوم في مأزق، وتبحث عن العودة عربيا وعبر اتفاق يشابه اتفاق مكة، أو المبادرة المصرية، حيث استشعرت قياداتها خطورة الوضع الإقليمي، بعد أن استعادت الدول العربية الكبرى زمام المبادرة الإقليمية، بعد صدمة الأسبوع الإيراني في بيروت.

ولكن لماذا قررت «حماس» الاستعانة بالعرب؟ بالطبع هناك عدة أسباب. مسؤول عربي قريب من التحولات التي شهدتها المنطقة العربية في الأسبوعين الماضيين يقول إن من أول الأسباب أن «حماس شعرت بأنها خلقت مشكلة للحليف المصري، وبالطبع ستبتعد عنها سورية».

وهذا يقودنا إلى المأزق الاثني لخالد مشعل وزملائه، فقادة «حماس» يعلمون أنهم الحلقة الأضعف في المفاوضات الإسرائيلية ـ السورية. «حماس» ليست بأهمية وحساسية حزب الله أو إيران بالنسبة لدمشق. فأي اتفاق سلام بين السوريين والإسرائيليين ستكون له انعكاسات على علاقة دمشق بـ«حماس».

سبب آخر هو تعثر مفاوضات الهدنة بين «حماس» وإسرائيل، وهذا قد يصل إلى تكسير رؤوس قيادات «حماس»، التي غابت عن الصورة بعد التهديد الإسرائيلي لها. «حماس» أضرت بالفلسطينيين وقضيتهم، وفقدت مصداقيتها في العالم العربي بشكل كبير، حتى وإن كان الساسة العرب لا يقولون ذلك علنا. يكفي أن حلفاء «حماس» هم الإيرانيون، والسوريون. وكما يقال فمع أصدقاء مثل هؤلاء، من يحتاج إلى أعداء؟

يقول لي مسؤول فلسطيني متحسرا «عندما خرج شارون من غزة جاءنا جيمس ولفونسون المبعوث الخاص للجنة الرباعية، بقرابة مليارين ونصف المليار دولار لتطوير غزة، أنظر ماذا فعلت بنا «حماس» اليوم.. قوة عسكرية من تنك، وشعب جائع 80% منه تحت خط الفقر، وتوسل للهدنة، وإلغاء الحصار الذي لم يكن موجودا قبل عامين»!

إنقاذ أهل غزة شيء، وإنقاذ قيادات «حماس» أمر آخر، وهذه مسألة يجب أن تكون واضحة ومحسومة في عالمنا العربي. وعليه لا بد أن يتراجع خالد مشعل ورفاقه عن انقلاب غزة، والدعوة الفورية لانتخابات مبكرة، وقبل هذا وذاك ضرورة الاعتراف بشرعية منظمة التحرير الفلسطينية واتفاقاتها.

على الدول العربية أن تتخذ من انقلاب غزة، وما حدث في بيروت في السابع من أيار الماضي درسا، وإلا سقطت دولنا أمام الجماعات المدعومة من إيران، وغيرها.

لا يجوز أن يلعب خالد مشعل، أو غيره، بأمننا ثم يعود طالبا النجدة، بعد أن شعر بأن حليفه السوري قد تخلى عنه، وأن وضع طهران الآن بات خطرا، من دون ثمن. لا يجوز التساهل مع «حماس» على الأقل احتراما لدماء أهل غزة.

[email protected]