ما بعد النجومية!

TT

كان العم أحمد عبد الله والد نجم كرة القدم السعودية ماجد عبد الله مدربا لنا في أشبال الأهلي، وكنا صغارا نحلم بالشهرة وفق وصفة سودانية ذاع صيتها عربيا ـ أشرت إليها ذات مقال ـ ترى أن للشهرة طريقين لا ثالث لهما «يا تدق كفر.. يا تعزف وتر»، أي إما أن تكون فنانا أو لاعب كرة، ولسوء الحظ لم أفلح لا في «دق الكفر» ولا في «عزف الوتر»، ولم يستطع عمنا ومدربنا أحمد عبد الله وزملاؤه من مدربي النادي الأهلي أمثال: أحمد اليافعي، وعبد الله الغمري، و«أبو هيود» أن يتجاوزوا بي في ملاعب الكرة أبعد من «دكة الاحتياط»، فـ«أخذتها من قصيرها»، وانتقلت من لاعب كرة قدم إلى صفوف الجماهير ـ كما يفعل الثوار المتقاعدون ـ ورحت أشجع الأهلي لسنوات من مقاعد المتفرجين، حتى أذعنت للحكمة البليغة:

إذا لم تستطع شيئا فدعه

وجاوزه إلى ما تستطيع

تذكرت كل ذلك، وأنا أتابع مهرجان اعتزال النجم الكبير ماجد أحمد عبد الله الأسبوع الماضي، وماجد في تقدير الكثيرين لاعب الكرة السعودية الأول، ينازعه في ذلك لدى بعض أبناء جيلي اللاعب سعيد غراب، الذي هيمن اسمه على كرة القدم السعودية خلال عقدي الستينات والسبعينات من القرن الماضي، فتجاذبته الأندية إلى الدرجة التي تبعثر فيها تاريخه الكروي بين أندية ثلاثة، ولذا حينما أعلن اعتزاله لم يتحمل أي من تلك الأندية مسؤولية إقامة مهرجان يليق بتاريخه الكروي، ونجوميته، وإسهاماته، فابتلعته الظلال بعد حياة حافلة بالأضواء والمكان والمكانة.. ويعتبر ماجد عبد الله محظوظا مقارنة بالغراب رغم تأخر مهرجان اعتزاله عشر سنوات..

تلك القراءة السريعة لنجمين احتلا ـ مع آخرين ـ قمة الكرة السعودية تدفعني دائما إلى تأمل مصائر لاعبي الكرة السعودية في عصر الاحتراف بعد الوصول إلى مرحلة الاعتزال، وكيف يمكن أن يجد اللاعب نفسه وحيدا ذات يوم بلا دخل، ولا أضواء، ولا خبرة مهنية يمكن أن يرتكز عليها في مشوار حياته في مرحلة ما بعد الاعتزال..

في الدول الغربية يغطي دخل اللاعب المحترف لسنوات بقية العمر ليعيش في بحبوحة، كما أن ثمة حالة من الوعي يكتسبها المحترف في الخارج تمكنه من التوظيف الاستثماري الأمثل لأمواله نتيجة تراكم الخبرة الاحترافية.. ولا أعتقد أن لاعبينا ـ أو على أقل البعض منهم ـ يعيشون حالة مماثلة على مستوى الدخل أو التخطيط المستقبلي الدقيق..

فما الحل لإنقاذ هؤلاء من المصير المجهول؟ سؤال مفتوح من يملك له إجابة؟

[email protected]