الأميرة.. وحقوق الإنسان

TT

التصدي للمواجهة الحضارية بيننا وبين الغرب هو مهمة كل مثقف يعي دوره الوطني والحضاري.. والمسألة ليست سهلة ان نهاجم الغرب، ونقول انه يفرض علينا شروطه، واننا يجب ان نرفض وننسحب، وندين.. ولكن المسألة كيف ندخل الى عمق التركيبة الحضارية الغربية، وكيف نحمل اليها قيما غابت عنها.. وثقافة ثرية لا يعرفون عنها شيئا إلا ما يكتبه المستشرقون وهو في بعضه محرف، وينقصه الادراك الصحيح.

بهذه المفاهيم المتقدمة رأت الاميرة الشابة.. حصة بنت سلمان بن عبد العزيز.. أن تكون مهمة حياتها الثقافية ان تترجم الحضارة الاسلامية بعمقها الثقافي والانساني الى اي عمق ثقافي آخر.. وان تتحدث الى الغرب بلغة يفهمها.. فأختارت ميداناً صالحاً للتصادم، بقدر ما هو صالح للتفاهم.. وهو موضوع حقوق الانسان.

والاميرة الشابة ترى ان المصطلح الذي سكه الغرب ليس جديدا علينا فالاسلام، والحضارة الاسلامية في مختلف عصورها راعت هذه الحقوق، ولكن بفلسفة تستند الى الشريعة الاسلامية، وليس الى القوانين الغربية، وهذا ما دفع السعودية الى التحفظ في التوقيع على الاعلان العالمي لحقوق الانسان.. والذي صدر عام 1948.

لقد كانت للسعودية تحفظاتها لسبب واضح.. ان نصوص هذا الاعلان وما تبعه من اتفاقات خاصة بحقوق الانسان يتحدث عن عالم غير عالمنا الاسلامي.. فشروط هذا الاعلان لا تنسجم مع الدين الاسلامي، ولا الثقافة الاسلامية التي تطبقها السعودية منذ قيام الدولة الحديثة فيها عام 1932، والسعودية ليست على استعداد للتخلي عن قيمها الحضارية الاسلامية، من أجل نصوص كتبت في حضارة اخرى لمجتمعات اخرى.

وقد أهلت الاميرة الشابة نفسها لهذا الدور الهام بدراسة اللغة الانجليزية ـ أدب انجليزي ـ ثم حصلت على دراسة الماجستير في الدراسات الدبلوماسية من جامعة وستمنستر وكان موضوع اطروحتها «موقف السعودية من موضوع حقوق الانسان».. والذي تناولت فيها تحليل موقف السعودية تجاه فقرات أو شروط معينة في الاعلان العالمي لحقوق الانسان، وأسباب تحفظها على الوثيقة انسجاما، وليس تناقضا كما يقولون، مع موقفها الراهن.

موضوع خطير وهام تدخله الاميرة حصة بنت سلمان، مسلحة بالعلم والوعي والايمان.. ولعلني اطالب ان تسارع وزارة الخارجية بطبع وتوزيع هذا البحث على سفاراتنا في الخارج، وان تقوم احدى دور النشر بطبعه في كتاب يطرح في الداخل، نحن جميعا في حاجة الى قراءة هذا البحث لنفهم ما يدور حولنا، وما هو قادم علينا في طائرة العولمة.

*** همس الكلام:

«أعمق حب.. هو الذي يتم من أول نظرة بعد الألف»