قلق حلفاء دمشق

TT

إذا كان من شيء لافت في المؤتمر الصحافي الذي عقده منوشهر متقي، وزير الخارجية الإيراني، وخالد مشعل قائد «حماس»، فهو ما لم يقولاه علنا عن المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية.

متقي ومشعل أجمعا على التشكيك بنوايا إسرائيل على إعادة الجولان، وبالتالي التشكيك في ما ستؤول إليه المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية. متقي يقول «إن على إسرائيل ان تعيد لدمشق هضبة الجولان من دون شروط».

ومشعل يقول «إن اولمرت ضعيف جدا ليقوم بالخطوات اللازمة لتحقيق سلام مع سورية». كلا التصريحين يأتيان بمثابة التحذير لدمشق من الانجرار خلف المفاوضات. فمتقي يتحدث عن عدم قبول شروط، والمعروف بأن أي مفاوضات تنطوي على شروط من كلا الطرفين وتنازلات، ومشعل يشكك بقدرة اولمرت على الإنجاز.

متقي وحماس، حاولا بلغة دبلوماسية إرسال رسالة لدمشق، لكن لغتهما الدبلوماسية لم تُخف قلقهما العميق من مفاوضات الحليف السوري مع إسرائيل. فهل يمكن القول بأن الشرخ قد وقع بين الحلفاء في دمشق وطهران، والجماعات الموالية لهما كحماس وحزب الله؟

اعتقد أن الاجابة هي نعم. أحمدي نجاد يقول بعد لقائه وزير الدفاع السوري إنه متأكد من ان القيادة السورية «لن تبرح خط المواجهة الامامي قبل إزالة كل التهديدات الصهيونية». وهذه أماني، وليست حديث حليف مطلع.

وهنا لا بد من وضع تفاصيل متفرقة جغرافيا جنبا إلى جنب حتى يتمكن المراقب من مشاهدة الصورة كاملة بالمنطقة. فهناك اغتيال عماد مغنية بدمشق، وما حدث بالعراق من تهشيم لمقتدى الصدر، وانقلاب حزب الله في بيروت، والاعتراف رسميا بالمفاوضات السورية ـ الإسرائيلية من جميع الأطراف.

كما من المهم التذكير بالمعلومات التي تتردد عن أن دمشق تغلق بإحكام منذ أيام الحدود السورية ـ العراقية. والآن تلميح السوريين لتبادل دبلوماسي مع لبنان. كذلك حديث إسرائيل اليوم عن مفهوم جديد لعملية السلام. فبدلاً من مفهوم الأرض مقابل السلام، تتحدث تل أبيب عن الأمن مقابل الأرض. أي أن الجولان ستكون مقابل العلاقة مع إيران، وحزب الله، وحماس.

وقد قال الإسرائيليون ذلك علنا، فمهما أعلن السوريون عن رفضهم للشروط المسبقة، فلا يمكن تصور مفاوضات على مدى عام ونصف عام بين دمشق وتل أبيب من دون أن تكون لامست تلك المواضيع، بل قد تكون أساس المفاوضات.

رفض السوريين لتلك الشروط مشكوك فيه، فالإسرائيليون يقولون علنا إن دمشق هي التي تسعى لمفاوضات سلام مع إسرائيل منذ أربعة أعوام. سورية تدرك أنها بلا غطاء عربي، ومعزولة دوليا، كما تدرك أن المنطقة مقبلة على عواصف بسبب التحرك الإقليمي العربي للوقوف أمام السعي الإيراني للسيطرة على العالم العربي، وقد تكون سورية هي الحلقة الأضعف في حلبة تكسير العظام.

قلق حلفاء دمشق واضح، والملاحظ أنهم هم الذين يتحدثون، مقابل صمت سوري، كما ان صدمة الذين انساقوا خلف الشعارات الفضفاضة باتت أكثر وضوحا، سواء حققت المفاوضات بين سورية وإسرائيل شيئا ملموسا أم لا.

[email protected]