.. وقبل للبحر والبيوت

TT

سئل جان كوكتو:

ـ إذا شبت النار في بيتك ماذا تفعل؟

فأجاب على الفور:

ـ النار.

وقد وجد الرئيس اللبناني الجديد ميشال سليمان نفسه في ثياب جان كوكتو، فآثر منذ اللحظة الأولى في خطاب القسم أن يمر على كل أسباب الهواجس اللبنانية، مدركا منذ البدء أن عليه أن يحمل النار..

عزاء سليمان أنه يجلس على كرسي الرئاسة في بلد له في نفوس العرب مكانة خاصة، فالناس في العالم العربي من الماء إلى الماء عاشوا الهم اللبناني كأي مواطن يعيش في بيروت أو الجبل أو البقاع أو الجنوب أو الشمال، وتعلقت أنظارهم بمحادثات الدوحة، وتعالت فرحتهم باتفاقها، كما اتسعت آمالهم بانتخابه رئيسا..

كم كان جميلا أن ينصب سليمان رئيسا في جلسة كان الحضور الرسمي العربي فيها معبرا، وبليغا، ومبهرا، ومؤكدا ـ قبل كل شيء ـ بأن نجاح الدبلوماسية القطرية والجامعة العربية في نزع فتيل الأزمة اللبنانية نجاح لكل العرب، فاتفاق الدوحة ـ كما عبر عنه الأمير سعود الفيصل ـ يثبت أن حل المشكلات العربية داخل إطار البيت العربي هو الطريق الناجح، لأنه ينبع من المصلحة العربية ولا يُعبر عن أهواء أو أغراض خارجية، وقوله: «إذا كان اتفاق الطائف كرّس التركيبة الدستورية للبنان ومؤسساته، فإن اتفاق الدوحة جاء ليؤكد أسلوب الحوار والتوافق ويرفض منطق الصدام والمواجهة».

ومن حق الرئيس اللبناني واللبنانيين أن يشعروا اليوم بتلك الأهمية التي لديهم في نفوس العرب، وأن يدركوا بأن خلافات بعض العرب من أجل لبنان انطلقت من مكانة لبنان في وجدانهم وعقولهم وقلوبهم، ومن حقهم اليوم على اللبنانيين الوفاق ليمتد دفؤه وئاما على الجميع..

لتشدو فيروز من جديد بلسان كل عربي:

«لبيروت..

من قلبي سلام لبيروت

وقبل للبحر والبيوت».

وليعد الشاعر إلى مقهاه ليكمل القصيدة:

«أكتب من مقهى على البحر

وأيلول الحزين يبلل الجريدة

وأنت تخرجين كل لحظة

من قدح القهوة وأسطر الجريدة».

[email protected]