نصر الله لا يشبه لبنان

TT

وعد حسن نصر الله في خطابه، أول من أمس، بصيف وادع. إلا أن وعده كان مشروطا حيث استدرك قائلا «إلا في حال كان الأميركيون يريدونه ساخنا». وما يقصده نصر الله هو في حال وجهت واشنطن ضربة عسكرية لإيران.

زعيم حزب الله الذي أعلن افتخاره بأن يكون «فردا في حزب ولاية الفقيه.. الفقيه العادل العالم الحكيم» بحسب قوله، لا يشبه لبنان بشيعته، وتركيبته المختلفة. فمشكلة نصر الله تكبر كل يوم لأنه غير معني بلبنان الدولة، بقدر ما هو معني بالسياسات الإيرانية.

يوم أول من أمس، وبدلا من أن يكون الحديث صرفا عن لبنان، وبدلا من الاعتذار للبنانيين، وللسنة تحديدا على ما تعرضوا له من قبل ميليشيا حزبه، انبرى الزعيم الإلهي محذرا الحكومة العراقية، والعراقيين، مما سماه سيطرة أميركا على سيادة العراق، وهذا موقف إيران بامتياز من الاتفاقيات الموقعة بين بغداد وطهران.

وذلك ليس كل شيء، بــل إن نصر الله أعلن تأييده لمقتدى الصدر عندما قال إنه يقف مع المقاومــة، والسـؤال هنا: أين حسن نصـــر الله يوم كان حزب الدعوة العراقي على وفاق مع الصدر؟

وأين نصر الله من المقاومة يوم دعا عبد العزيز الحكيم إيران للتفاوض مع واشنطن، ويوم كان الحكيم يتباحث مع الرئيس بوش حول «الشراكة الاستراتيجية» والتي تعني وجودا أميركيا طويل الأمد في العراق؟

الزعيم الإلهي مهوس بالموقف الإيراني، أكثر من هوسه بالأمن والسلم اللبناني، فهو الذي أعلن من قبل بأن لبنان أرض معركة مفتوحة، وهو الذي ألغى الدولة يوم جر لبنان في صيف 2006 إلى حرب غير محسوبة العواقب، وباعترافه.

مشكلة حسن نصر الله لن تجد حلا قريبا، مثلها مثل مشكلة لبنان، فكل ما هو متاح اليوم لا يتجاوز أن يكون مسكنات، وهذه الحقيقة التي يجب على العرب إدراكها. ليس بسبب طائفة حسن نصر الله، فمن أبناء طائفته من هم حريصون على عروبتهم، وأوطانهم مثلهم مثل كل أبناء الطوائف الأخرى في العالم العربي.

إلا أن قضية حسن نصر الله مختلفة، أساسها خارجي، وعقيدتها خارجية، ولن تحل إلا ببعد إقليمي. فهمه الأول هو إيران وأجندتها، وصحيح أن نصر الله يردد بأنه لا يطمح للحكم، لكنه يريد تثبيت واقع أنه موجود، وفي ذلك إخلال بتركيبة لبنان.

سلاح حسن نصر الله يعني أن كل طائفة سينشطر منها زعيم ليطالب بمساحة أكبر من لبنان. فعدا عن وجود «أمل» فحزب حسن نصر الله يريد أن تكون له الكلمة العليا، وهنا يكون وضع لبنان الجديد أن للشيعة رأسين، ومن يعلم فقد يأتي الرد بأن يصبح للسنة رأسان، وكذلك المسيحيون في لبنان.

وهذا يعني تفتت لبنان، ولذلك مشكلة حسن نصر الله تكبر، وما لم يمارس العقلاء من شيعة لبنان دورا فاعلا، فلا حل إلا بعاصفة إقليمية، قد لا تكون قريبة، لكنها ليست بالبعيدة، فكل آليات تكوين العاصفة موجودة، ومتفاعلة.

[email protected]