راجعوا الريحاني

TT

قال أمين الريحاني العام 1927، قبل 81 عاماً، إن «لبنان نهب أطماع خارجية وشرور داخلية، جنى عليه الفرنسيون بالتقسيم السياسي والرؤساء بالتقسيم الطائفي. وهو يئن من بليتين خبيثتين: حكم الأجانب والفساد في أخلاق الحكام».

كم هو مذل ألا يتغير في هذا البلد شيء خلال قرن. وما تغير تغير نحو الأسوأ والأحط. كنا نحتفل كل عام بذكرى الشهداء. نحو أربعة عشر منهم أعدمهم جمال باشا السفاح فيما كان يقضي السهرة في منزل آل سرسق. والآن أمر في شوارع بيروت فأرى تحت كل عمود كهرباء صورة قتيلين على الأقل، بالرصاص الودي، ولكن عمدا وليس عن طريق الخطأ.

عفواً، البعض يقتل خطأ برصاص الابتهاج. ويجوز لهم تصنيف الشهادة وعمود الكهرباء. لكن ليس من الفئة الأولى. الفئة الأولى تفترض الموت في صراع أخوي من أجل الوحدة الوطنية. لا أعمدة لمن لا يقتل أخاً أو جاراً باسم الوحدة الوطنية، دعك من الوحدة الكبرى، أو الوحدة القومية الأكبر، التي ستدعو إليها جارة الخليج وشط العرب وبحر العرب. وكلها أسماء آيلة إلى التغيير. راجعوا الريحاني. نحن أمة صامدة لا تتغير. قبل تسعة عقود كان الريحاني يحذر من القدس بأن الفرقة «ستدفع فلسطين إلى براثن الصهيونية». وكان يحاضر في لندن وأميركا ضد الاستعمارين الفرنسي والبريطاني وما يتآمران. وكافأت الصحافة العربية أمين الريحاني بنشر «وثيقة» تثبت أنه كان على علاقة بالمخابرات الأميركية قبل أربعين عاماً من إنشائها. الدليل؟ ولو، الدليل أنه كان يدعو كل يوم إلى الوحدة العربية وتعارف العرب والى مواجهة الصهيونية ومحاربة الانكليز والفرنسيين.

ماذا تستنتج من ذلك يا ذكي؟ عميل. كان معه قلم سري يعرف أماكن النفط ومحبرة سرية يقيس بها عمق الآبار وكميات الاحتياط. محزنة بيروت. كان أول ما طلبه الرئيس ميشال سليمان الامتناع عن إطلاق الرصاص ابتهاجاً والاكتفاء بالمفرقعات. وحتى صوت المفرقعات يخيف في بلد قتله رصاص، وجنازاته رصاص، وأعراسه رصاص، وخطبه السياسية مدافع وقذائف. يا أخي مل اللبنانيون هذه الأصوات. ماذا تشكو الطبول؟ دفوف مثلا. صناجات. زغاريد. يا نخلتين في العلالي. رشة أرز؟ ضروري آر.بي.جي وكلاشن؟ راجعوا أمين الريحاني، عن لبنان وعن الأمة.