الإرهـابي!

TT

هذا ليس عنوان فيلم لعادل إمام؛ لكنه عنوان قصة حقيقية حدثت منذ أيام قليلة. أما الإرهابي هنا فاسمه: زاهي حواس وجواز سفره يؤكد أنه مصري الجنسية!! بداية القصة كانت عندما ذهبت إلى مدينة فونيكس Phoenix معقل مرشح الحزب الجمهوري، جون ماكين، وقد نزلت في الفندق الذي ينزل فيه الرئيس بوش ويلعب هناك الغولف مع ماكين وعمدة المدينة. وهذا هو الفندق الذي اختارته شركة IBM لعقد المؤتمر السنوي. واعتادت الشركة أن يتم لقاء أغلب العاملين بها من كل دول العالم في مدينة من المدن الأمريكية. وكان اللقاء العام الماضي بمدينة سان دياغو بكاليفورنيا. وخلال هذا اللقاء السنوي الذي يستمر ثلاثة أيام يتناقشون في أحدث الأفكار والمعلومات في عالم الكومبيوتر، وفي نفس الوقت يلتقون ببعض المحاضرين في المجالات المختلفة. وتم دعوة الكاتب والمؤلف المعروف Frans Johansson، والمطربة الأفريقية المشهورة Angélique Kidjo، وهي من بنين بأفريقيا وتغني بأربع لغات وأصبحت نجمة عالمية بعد نجاح ألبومها عام 1988. وكنت أنا المحاضر الثالث عن أسرار الفراعنة واكتشافاتي الأثرية. وبعد ذلك وفي الصباح الباكر، ذهبت إلى مطار فونيكس، وبعد أن أدخلت حقائبي توجهت إلى منطقة الجوازات ووجدت سيدة ذات وجه جامد لا تدل ملامحها على أي ذكاء، فتحت جواز السفر، وعلى الفور ودون سابق إنذار قررت أن صاحب هذا الجواز إرهابي وقامت بوضع علامة حمراء على بطاقة الصعود إلى الطائرة Boarding pass. ودخلت إلى منطقة التفتيش وخلعت حذائي وحزامي. أخرجت الكومبيوتر من الحقيبة مثل كل المسافرين. وعندما دخلت من بوابة الأمن X-Ray وشاهد الموظف العلامة الحمراء عرف على الفور أن هذا الشخص إرهابي يجب أن يتم تفتيشه ذاتياً. وأشار إليَّ بتعال شديد أن أدخل القفص، وهو عبارة عن صندوق زجاجي وقفت داخله في الوقت الذي كان المسافرون يلوحون لي من بعيد؛ بعضهم سعيد بلقائي والآخر يظهر إعجابه بالبرامج التلفزيونية التي يشاهدونني فيها. وللأسف الشديد لم يشفع لي ذلك عند هذا الموظف الذي يطبق القواعد بغباء شديد جداً. وبعد حوالي سبع دقائق جاء إلي موظف آخر من الجمارك وأخذني إلى حجرة بعيدة عن الأعين وبدأ يفحص جواز السفر والكومبيوتر ويفتح كل شيء بدقة. وهنا تدخلت لكي أقول له أن يقرأ الخطاب الموجود معي من السفير الأمريكي بالقاهرة، والذي يشير فيه إلى مكانتي في بلدي ويثبت أنني لست إرهابياً دولياً مطلوباً القبض عليه. وقال الموظف إن هذا الخطاب لن يغير شيئاً، أي أنني في نظرهم إرهابي لحين ثبوت عكس ذلك. وبعد أن اتضح أنني لا أحمل أسلحة وليس لدي غير معلومات عن الفراعنة. وللحقيقة ساعدني في ترتيب حقيبتي وبأدب أشار إلي بالانصراف.. وهنا أنا لا اعترض على التفتيش مثل أي شخص، ولكن اعتراضي أنهم عندما نظروا إلى جواز سفري لم يحاولوا معرفة الوظيفة أو العمل والتأكد من حقيقة صاحب الجواز حتى لا يصنف البشر تبعاً لألوان جوازات سفرهم، وحتى لا يكون الأمر مخولاً لموظف محدود الذكاء ليقرر من هو الإرهابي؟! .. الشيء المؤكد أن موظفي الجوازات عندهم ليس لديهم أدنى قدر من الثقافة أو الوعي ويتفننون في كسب عداء الآخرين لأمريكا وكأن ما يفعله ساستهم لا يكفي!

www.guardians.net/hawass