اجعل المطبخ صديقك

TT

من الطبيعي أن يشعر الأميركيون بالإحباط فيما يتعلق بالطعام. فالأمر لا يتوقف عند الجراثيم التي نجدها في البرغر والهرمونات في الأسماك الصينية وحتى ارتفاع الأسعار المفاجئ. ولكن الأمر يتعلق بعدم قدرة معظمنا على تجاوز هذا الأمر. فعلى الرغم من فقدان الثقة في نظام الأطعمة المصنعة، إلا أننا لا نزال نعتمد عليه بشكل كبير.

فما العمل؟ زراعة غذائك لم يعد خيارا يمكن الاعتماد عليه الآن. فبعيدا عن زراعة الحديقة الخلفية، قليل منا يمكنه إنتاج الطعام الذي يأكله. وحتى العقود القليلة الأخيرة كان أغلب الأميركيين يتحكمون في الطعام الذي يدخل منازلهم، فكنا نطهو يوميا. أما اليوم، فبالرغم من الهوس بكتب الطهي ومشاهير الطهاة وبرامج الطهي التي تعرض طوال 24 ساعة على قناة فوود نيتوورك، فإن فن الطهي ينهار. ووفقا لوزارة الزراعة، فإن نصف الأموال التي ننفقها على الطعام تذهب إلى أطعمة مصنعة خارج المنزل، وحوالي نصف الوجبات داخل المنازل الأميركية المتوسطة لا تحتوي على مكون واحد غير مصنع خارج المنزل. وتلقي دراسات التسويق باللوم على ضيق الوقت، حيث لا يجد الأميركي العادي إلا 30 دقيقة فقط يوميا ليقضيها في المطبخ. ولكن للأسف فإن الكثير منا نسوا الغرض من وجود المطبخ.

والطهي مهارة مكتسبة، تحتاج إلى أدوات وخطوات محددة، وتنميها الممارسة. ولكننا لم نتعلم تلك المهارة، حيث أن حوالي 100 مليون شخص من مواليد السبعينات تربوا في فترة كان فيها الطهي عادة قديمة. ولكن إذا أردنا أن نتحكم في طعامنا، وبدون أن ننتظر من الحكومة أن تقوم بذلك، فعلينا أن نبدأ من المطبخ. لن يكون من السهل إعلان الاستقلال عن سلسلة الغذاء المصنع، حيث يعني ذلك إعادة كتابة أنجح قصص الاقتصاد الأميركية. ففي فترة ما بين 1900 و1970، انخفضت ساعات دخول المطبخ من أربع ساعات إلى ساعة واحدة يوميا، بعد عهد المستهلكين بالطهي إلى شركات الأطعمة. ولم تكن صناعة الطعام هي الرابح الوحيد، فقد استفاد المستهلكون أيضا. بالرغم من فقدانهم لبعض من استقلاليتهم إلا أن الطعام أصبح أكثر تنوعا وأصبحوا هم أكثر راحة مع وجود عدة ساعات يمكن قضاؤها في دراسة أو ترفيه أو عمل يدر دخلا إضافيا. ولكن بحلول السبعينات والثمانينات، اكتشفنا بعض مساوئ هذا النظام. فالتصنيع السريع لكميات كبيرة من الطعام يجعل من الصعب التحكم في الأطعمة الحاملة للأمراض. ومع جميع مزايا الراحة إلا أنها أصبحت سببا للسمنة. والآن نكتشف أن القيمة المضافة، وهي أساس صناعة الغذاء الحديثة، ليست بالشيء المهم. ويتطلب الحصول على راحة أكبر إما أن يزداد المستهلك ثراء أو تظل الأسعار منخفضة؛ وهذا لا يمكن تحقيقه. تحاول الشركات الغذائية الآن أن تكسب رضا المستهلكين بترشيد النفقات باستخدام المكونات الرخيصة بدلا من المكونات باهظة الثمن. وهم يبحثون عن أرخص الممولين حول العالم (ولكن فضيحة الأسماك الصينية ستضع حدا لتلك الاستراتيجية). ولكن مازالت الشركات على نفس نهجها القديم في رفع الأسعار بناء على زيادة التكاليف لعدم وجود بديل أمامنا. فثقافتنا جعلتنا لا نطهو طعامنا، بل نفضل كل ما هو صناعي في الطعام من فواكه ومكسبات طعم وغيرها على الأطعمة الطبيعية. وقبل أن تظهر مخاوف حول أمراض تسببها بعض الأطعمة الصناعية، فإننا نكون قد اعتدنا تناولها. ولكن الحاجة أم الاختراع. فيمكننا أن نستعيد مهاراتنا في الطهي. فيوجد في المدارس الآن بعض الدروس في اقتصاديات المنزل وأخرى في الطهي. كما يوجد بعض كتب الطهي المبسطة للمبتدئين. العودة إلى المطبخ هذه المرة تضمن لنا طعاما صحيا وآمنا وألذ بل وأرخص سعرا. أما بالنسبة لضيق الوقت فنحن بالفعل لدينا أعمالنا وأسرنا ومشاغلنا ولكن الشخص الأميركي العادي الذي يقضي 30 دقيقة فقط في المطبخ يمكنه أن يجد 240 دقيقة يوميا لمشاهدة التلفزيون وربما نشاهد برنامجا لأحد الطهاة. فإذا كنا سنعطي الأولوية للطعام فعلينا ألا نضيع وقتا كبيرا في مشاهدة طهي الآخرين.

* خدمة «لوس أنجليس تايمز»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»