منافع الأمة

TT

عذرا على العودة مرة اخرى مائة عام الى الوراء من أجل التأكيد على ان شيئاً لم يتغير في لبنان. اذا كان منكم من يذكر قول كينيدي الشهير في خطاب القسم «لا تسألوا ما يمكن ان تصنعه بلادكم لأجلكم بل اسألوا ماذا بامكانكم انتم ان تفعلوا لبلادكم»، فهو قول مأخوذ من قول لجبران خليل جبران في «البدائع والطرائف»: «أسياسي يقول في سرّه أريد أن أنتفع من أمتي أم غيور متحمس يهمس في نفسه، أتوق إلى نفع أمتي».

قليلون جدا في تاريخ لبنان القائم منذ 1920 سمعوا نداء جبران الذي استذكره جون كينيدي وقرئت كلماته في زواج ابنة ريتشارد نيكسون. جلست اتابع امس امام شاشة التلفزيونات المشاورات النيابية في القصر الجمهوري، واسأل نفسي مَن من هؤلاء السادة يريد فقط لبنان؟ وكم هي نسبة الذين يمثلون لبنان لا سواه؟ وكم هو عدد النواب الذين لم يكونوا يبحثون عن حصتهم الشخصية او ابعاد انتفاعهم؟ وكم هو عدد أولئك الذين احتكموا حقاً الى مقياس الضمير ومجموعة مقاييس اخرى يفترض وجودها في ساعات الخيارات الوطنية واللحظات الكبرى والازمات الكبرى.

منذ انتخاب الرئيس ميشال سليمان يوم الأحد ازدحمت نحو 40 اذاعة محلية وعشر قنوات تلفزيونية بالتصريحات حول الحقائب التي تريدها كل كتلة، ونوع الحقائب.

كل شيء في لبنان مصدر لنزاع سياسي. وحدها رئاسة مجلس النواب تجاوزت هذا الامتحان الصعب. فهي معقودة اللواء للرئيس نبيه بري، كما كان لواء يوغوسلافيا معقودا للمارشال تيتو: مدى الحياة. اما الرئاسة الثالثة، اي رئاسة الحكومة، فالواضح انها كانت ثابتة في مرحلتين فقط: مع رشيد كرامي ومع رفيق الحريري، والمحزن ان الاثنين انتهيا بالاغتيال. ولكن في جميع المراحل الاخرى كانت ولاية رئيس الوزراء قصيرة وموضع صراع، خصوصاً بين اعضاء نادي رؤساء الحكومات.

مجرد صراع آخر بعد اتفاق آخر. مجرد مشهد آخر. البعض يعتقد ان عمره ثلاث سنوات، الحقيقة ان عمره مائة عام. على الاقل.