الحقيقة أو العواقب

TT

تخيل للحظة واحدة فقط أن أحد المرشحين للرئاسة استطاع أن يقول للشعب الأميركي الحقيقة في ما يخص أفضل سياسة للطاقة، من أجل تحقيق الازدهار الاقتصادي والأمن للبلاد. أعرف أن هذا ضرب من الخيال، ولكن تخيل معي للحظة. ما الذي سيقوله هذا المرشح الصادق التخيلي؟

في البداية، فإنه (أو إنها) سيوضح أن أسعار البنزين لن تظل ثابتة على المدى القصير. فستكون الأسعار كما تكون بسبب زيادة الطلب على البترول العالمي من الهند والصين والشرق الأوسط، الذي أصبح على رأس استهلاكنا المتزايد، ونقص الخام «الحلو»، الذي يستخدم في وقود الديزل، الذي تعتمد عليه أوروبا، وإهمالنا في انتهاج سياسة فعالة للطاقة لمدة 30 عاما.

وقد تزيد الأفكار السلبية الأمر سوءا، مثل فكرة كل من ماكين وكلينتون برفع الضرائب على الوقود مؤقتا هذا الصيف. وتبدو المبادرات المتهورة، مثل عرض شركات كرايسلر ودودج وجيب بدعم البنزين لمدة ثلاثة أعوام للأشخاص الذين يشترون سياراتها المستهلكة للوقود بكثرة، مماثلة لما تقدمه شركات التبغ من سجائر مخفضة للمراهقين.

ولا يمكنني أن أقول أفضل مما قاله صديقي تيم شريفر، رئيس الأولمبياد الخاص، في مقاله يوم الذكرى في «واشنطن بوست»: «إذن فدودج تريد أن تبيع لك سيارة لا تحتاجها، ولا توفر الوقود، وتضر بالبيئة، وستزيد من دعم الدول المصدرة للبترول، التي يقف بعضها على الجانب الآخر من الحرب التي نواجهها الآن.. ستضر الكوكب، وتنسى الجنود، وتتجاهل الاقتصاد: فلتشتر سيارة دودج إذن».

لا، لن يحدث هذا، فمرشحنا التخيلي سيعطي الحل طويل المدى: ارتفاع سعر البنزين.. إلى الأبد.

سيشير هذا المرشح إلى أن ارتفاع سعر غالون البنزين إلى أربعة دولارات بدأ يؤثر في سلوكيات القيادة والشراء، بالشكل الذي لم تكن عليه عندما كان ثمن الغالون ثلاثة دولارات. كان رد فعلنا تجاه أول ارتفاع كبير للأسعار، بعد صدمة البترول عام 1973، هو طلب وإنتاج سيارات موفرة للوقود. ولكن بمجرد بدء الأسعار في الهبوط أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات، عادت بنا صناعة السيارات إلى الشغف القديم بالسيارات المستهلكة للوقود بكثرة، وظلت الأسعار في الارتفاع حتى وصلت لما هي عليه الان.

ويجب علينا ألا نقع في هذا الخطأ مجددا. ولذلك سيقترح مرشحنا التخيلي، كما يقول خبير اقتصاد الطاقة فيليب فيرليغر، حدا أدنى لسعر غالون الوقود الخالي من الرصاص بأربعة دولارات، وهو نصف معدل الأسعار في أوروبا اليوم. وستعلن واشنطن أنها لن تسمح بهبوط السعر إلى أقل من ذلك. وإذا فعلت ذلك، فسوف تزيد ضريبة الوقود الفيدرالية شهريا لتعويض الفارق بين سعر الضخ وسعر السوق.

ولتخفيف العبء على غير الأثرياء، يقول فيرليغر: «يمكن تعويض من يقل دخلهم عن 80.000 دولار في العام بتخفيض الضرائب على دخولهم». ويقدم اقتراحا آخر بأن تستخدم الحكومة الضرائب على الوقود في شراء السيارات المستهلكة للوقود من العامة وتتخلص منها.

ولكن ستكون الرسالة التي نرسلها إلى كل مشتر وصانع للسيارات هي أن أسعار الوقود لن تنخفض أبدا. ولذلك فإذا كنت ستشتري سيارة مستهلكة للوقود اليوم، فستجد نفسك في مأزق أسعار الوقود المرتفعة على الدوام. فأنت تشتري ما سيلتهم ميزانية بيتك وأسرتك. وفي الوقت نفسه، إذا كنت مُصنع سيارات ومستمرا في صناعة السيارات المستهلكة للوقود غير المهجنة، فأنت تلقي بنفسك وموظفيك وحملة أسهمك إلى التهلكة.

وقد كنت في زيارة إلى بائع سيارات تويوتا في بيثيسدا، في ولاية ماريلاند، الأسبوع الماضي لأستبدل سيارة مهجنة بأخرى. ولا بد من الانتظار لمدة شهرين لشراء سيارة بريوس، التي تستهلك غالون الوقود في مسافة 50 ميلا. وقد أخبرني البائع بأنني محظوظ، لأن سيارتي المهجنة تزيد قيمتها يوميا، فيجب علي ألا أقلق من الانتظار لسيارتي الجديدة.

ولكنه قال إنها لو لم تكن مهجنة، لقل ثمنها كل يوم 200 دولار أمام كل دولار يزيده سعر برميل البترول الخام في منظمة الدول المصدرة للبترول (الأوبك). وعندما رأيت صفوفا كثيرة من السيارات الرياضية متعددة الاستخدام متوقفة في ساحته، عرفت السبب.

إننا في حاجة إلى تحول هيكلي في اقتصادنا للطاقة. فنحن نحتاج إلى التحرك نحو تحويل سياراتنا إلى سيارات كهربائية مهجنة. والحل الوحيد للخروج من الأزمة هو البدء الآن بالأسعار التي ستجبرنا على التغيير.

وقد تحلى أوباما بالشجاعة ليخبر الناخبين أن خطة ماكين وكلينتون لرفع الضريبة على الوقود كانت حيلة. ألن يكون من المذهل أن يتخذ الخطوة التالية ويضع الخطة الصحيحة أمام الشعب الأميركي؟ ألن يكون ذلك مذهلا؟

* خدمة «نيويورك تايمز»