العراق.. العرب مقصرون.. ولكن

TT

لا يمكن وصف الغياب العربي عن مؤتمر العهد الدولي حول العراق في استكهولم إلا بالتقصير. فكيف يمكن تبرير حضور وزير الخارجية الإيراني، ووزيرة الخارجية الأميركية أمام غياب نظرائهم العرب، باستثناء الأردن؟ تقصير عربي غير مبرر، مثلما أن الإلحاح في طلب إسقاط الديون عن بغداد أمر غير مفيد الآن.

والغياب الدبلوماسي العربي عن بغداد غير مبرر أيضا، صحيح أن لدى العرب قلقا من الحكومة العراقية، بعضه مستحق، والآخر بسبب عدم التواصل. إلا أنه، وفي المقابل، لا يمكن ترك العراق مسرحا للإيرانيين، والاكتفاء بلوم الحكومة العراقية.

الوجود في بغداد يساهم في عقلنة وتغيير يصب في مصلحة العراق، والعرب، كما أن الحضور العربي سيحد من التمدد الإيراني. هناك أمور يجب أن تقال بصراحة لكل من العرب والعراقيين.

على العرب أن يعوا بأن وجودهم داخل العراق لا يعني تحويله إلى ساحة معركة مع الإيرانيين، أو لنصرة طائفة على أخرى، بل لمساعدة العراقيين كلهم لترسيخ هوية بلدهم العربية، واستقرارها.

التواجد العربي في بغداد يعني تواصلا وادراكا لحقيقة ما يدور على الأرض. عندما يذهب السفراء العرب إلى بغداد سيصعقون، ومعهم دولهم، بما فعله ويفعله الإيرانيون هناك. ولذا من الخطأ ترك العراق وحيدا، أيا كانت الظروف الأمنية.

سألت مسؤولا عربيا: كيف تفسرون غيابكم عن العراق؟ إجابته جاءت صريحة، ومباشرة: «أخطأنا خطأ كبيرا في تجاهل العراق.. وأكون صادقا معك، لقد وضعنا رؤوسنا في الرمل، وهذه ليست سياسة»!

أما بالنسبة للجانب العراقي، فلا بد من إدراك أن إلغاء الديون يحتاج للثقة، والضمانات، المفقودتين اليوم. فلا ينبغي أن يكون إلغاء الديون الشغل الشاغل للعراقيين في كل مؤتمر وتصريح، إلا إذا كان الهدف هو إحراج العرب، ورغبة بإطالة التباعد!

المسؤولون العراقيون يعرفون أهم سبب خلف تردد العرب بإسقاط الديون، وسبق أن قيل ذلك في اجتماع رسمي: كيف نضمن كدول عربية إن نحن أسقطنا الديون أن لا يقنع عبد العزيز الحكيم حلفاءه في الحكومة العراقية لدفع مائة مليار دولار للإيرانيين تعويضا عن الحرب التي دارت بين العراق وإيران، كما سبق وأن صرح الحكيم؟ ولا أعلم كم ستعوض إيران العرب إن فتح باب التعويض على أمثال حسن نصر الله، وخالد مشعل، وما يفعله النظام السوري بسبب دعمها؟

أمر آخر على الحكومة العراقية إدراكه وهو ضرورة إجراء مصالحة داخلية لا يقصى فيها طرف لمصلحة آخر. وللأسف إن ما يحدث داخل العراق الآن يتم بضيق أفق أسبابه تحزبية وطائفية تتجاهل أن العراق لكل العراقيين. ومن هم داخل العراق يدركون خطورة ما يحدث على الأرض.

على حكومة بغداد، بدلا من المطالبة بإلغاء الديون الآن، المباشرة بالمصالحة الداخلية لإرساء الأمن والعيش المشترك، من أجل تحقيق الاستقرار. كما ان على العرب الوجود داخل العراق، والتواصل مع جميع أطيافه. حينها تكون هناك أرضية مشتركة وقوية لمناقشة جميع القضايا العالقة.

[email protected]