معركة دمشق ضد السعوديين

TT

تدور معركة صامتة وصاخبة من جهتين مختلفتين، الرياض ودمشق.

فدمشق رفضت اقتراح الامين العام للجامعة العربية باصلاح العلاقة العربية مع ايران، سورية رفضت الفكرة بصفتها رئيسة القمة العربية. ترى ان لا أحد على خلاف مع طهران إلا السعودية، وبالتالي دعوا السعوديين وحدهم يتحملون المشكلة. دمشق سربت افكارها في الصحافة اللبنانية. ورغم انها نفتها رسميا، إلا ان الجميع يدركون انها تصريحات سورية حرفا بحرف، وليست ايرانية رغم محاولة الايحاء بذلك. فدمشق تحاول منذ فترة اقناع الخليجيين بان ايران وراء تصريحات، واخبار، ووراء احداث بيروت، وان دمشق ليست طرفا.

بالتأكيد لإيران دور كبير في ازمات المنطقة، انما لا نستطيع ان نحملها كل ما يحدث ويقال، حتى إن ظهر منسوبا لوكالة ايرانية، مثل فارس، وغيرها التي استخدمت بكثرة في الآونة الأخيرة في نشر تصريحات مصدرها سورية هدفها ابعاد الشبهات عن دمشق والصاقها بايران، او استخدمت فيها محطة التلفزيون الايرانية.

ميزة الخلاف مع الايرانيين انه واضح، ويمكن تعريفه. فرغبة النظام في طهران في الهيمنة على شرق المنطقة العربية، من الخليج والعراق وحتى لبنان باتت معلنة، قالوا للاميركيين لنا دور في العراق وفي الخليج، وقالوا للسعوديين تعالوا نتفاهم في لبنان، وهكذا. امر يصعب ان يتخيل المرء ان يحقق بلا مخاطر وصدام طائفي بالغ الخطورة، مما يجعل كل المنطقة في حال استنفار سياسي وأمني. ثم هناك الملف النووي حيث لا تخفي طهران نواياها بتصنيع السلاح الذري. وهنا الخليج معني بهذا الخطر اكثر من اسرائيل، التي يروج اسمها تبريرا لتصنيع السلاح، كما كان يفعل صدام في الثمانينات ثم استخدم اسلحته الفتاكة ضد ايران ومواطنيه الاكراد واحتل الكويت. قناعة الدول الخليجية العربية الست مجتمعة بان السلاح الايراني يستهدفها، وسيضعها تحت الابتزاز الايراني في المستقبل، ان لم يستخدم بشكل مباشر ضدها. هذه هي الخلافات مع ايران واضحة، ورغم خطورتها الا ان التواصل ما بين الرياض وطهران لم ينقطع، بل يقال انه الذي أنقذ المنطقة في بعض التوترات، وان اخفق في أزمة انقلاب حزب الله الاخير التي تسببت لاول مرة في ملاسنة علنية بين الامير سعود الفيصل وزير الخارجية السعودي واحمدي نجاد الرئيس الايراني.

لهذا جاءت تسريبات دمشق الصحفية ضد السعودية مثيرة، لانها تعبر عن حال توتر وحنق وافتعال معركة، تكمل تصريحات فاروق الشرع نائب الرئيس السوري في مطلع هذا العام الذي تنبأ بسقوط مناطق النفط السعودية. التسريبات السورية الاخيرة في الصحف قالت ان السعودية تتآمر لقلب النظام السوري. يالها من تهمة! انا واثق ان السوريين يعلمون حق اليقين لو ان السعودية تبنت مشروع اسقاط نظامهم لن يكون ذلك مستحيلا، وبطريقة «شرعية». انما السعودية ليست سورية في لغة التعامل مع الازمات، فاقصى عقوباتها تخفيض او قطع اتصالاتها، أيضا لعبت السعودية دور الداعم الدائم لاستقرار سورية طوال ثلاثين عاما. ليس بالضرورة حبا في النظام بل لانها ضد الفوضى في المنطقة، وتعتقد ان الخلافات مهما ساءت تصلح في النهاية، ورأت ان الانظمة التي لم تصلح سلوكها لم تعمر طويلا مهما ركبت من تحالفات.

حاليا يمعن القادة السوريون في حملة متعددة الاشكال، وعبر اطراف مختلفة، تريد اهانة السعوديين واستفزازهم وتخويفهم، اعتقادا منهم ان ذلك سيجبر خصومهم على الانحناء لمطالبهم، لكن دعونا نرى.

[email protected]