عذرا

TT

كتبت مرة أن مصر ولبنان كانا أول من عرف التلفزيون في العالم العربي، فانهالت الرسائل من القراء العراقيين بأن الحقيقة هي أن أول تلفزيون عربي كان في العراق. وأعيد اليوم قراءة كتاب جيرالد دوغوري «ثلاثة ملوك من بغداد»، الذي طبع من جديد في لندن (دار توريس) وإذا فيه قصة إنشاء التلفزيون وقصة أخرى ـ ومذهلة ـ عن الجيش العراقي.

كان الأمير عبد الإله، الوصي على العرش، في زيارة إلى لندن عندما اقترح عليه أحد اللوردات ضاحكا فكرة تلفزيون في بغداد. وتلقف الفكرة فورا قائلا: «لم لا، إن شعبنا يفكر بعينيه». ثم أضاف بجدية «من الممكن استخدامه في تدريب الجيش والتربية والتعليم وليس فقط في التسلية. وفي إمكان رئيس الوزراء أن يشرح سياساته للناس. ولكن علينا أن نختار الأفلام الأجنبية التي تناسب تقاليد البلاد. وعلينا أيضاً أن ندرس التكاليف».

كانت رواتب الجنود قليلة لا تكفي. وكان كثيرون منهم يفرون من الخدمة العسكرية، ولا تحاول الدولة إعادتهم أو إحالتهم إلى المحاكمة. وبقي الجيش ثماني سنوات بعد الحرب العالمية الثانية من دون أي دورات تدريب مع أنه شارك في 4 محاولات انقلابية وثورة رشيد عالي الكيلاني. وكان معظم الضباط من خريجي الكليات العثمانية، الذين نادرا ما يغادرون مكاتبهم في العاصمة. وكانت ثياب العسكريين رثة وجزمهم غير صالحة. وحتى وجبات الطعام كانت ضئيلة. وتم حجب المال المخصص لإصلاح الثكنات. وكانت النتيجة في العام 1943 جيشاً من 30 ألف عسكري و20 ألف فار.

كان نوري السعيد يقول إنه لا يريد جيشاً قوياً بعد الذي حدث العام 1941 (ثورة الكيلاني). لكن النظام أدرك أنه لا يمكن للدولة البقاء مع جيش ضعيف. وهكذا تولى الوصي بنفسه الإشراف على إعادة تأهيل الجيش، رغم أن مخاوفه لم تتغير. وكان يدعو الضباط إلى الصيد لكي يخالطهم ويحادثهم، خصوصا على ظهور الخيل.

حكاية أخرى من كتاب دوغوري: تزوج الأمير عبد الإله ثلاث مرات ولم يرزق. وخلال زيارة إلى إيطاليا تعرف إلى إحدى النبيلات وأراد الزواج منها، لكن الرغبة اصطدمت بالمانع الديني. وذات مرة كان منزل النبيلة مليئاً بالضيوف عندما توجهت إلى الوصي بكل أدب واعتذار بهذا السؤال:

ـ عفوا، سيدي الأمير، ولكن هل في بلادكم نخيل؟