كلمات لها تاريخ

TT

قبل حرب سنة 1967 أعلن الرئيس عبد الناصر في مؤتمره الصحفي أنه قوي وأنه لا خوف عليه، وأنه ليس مستر أيدين رئيس وزراء بريطانيا فهو رجل خرع ـ بكسر الخاء والراء!

وحارت الصحف الأجنبية ووكالات الأنباء في ترجمة هذه الكلمة وسألونا وقلنا: يقصد أنه ضعيف هزيل تافه لا قيمة له. ولم تسترح وسائل الإعلام العالمية إلى اجتهادنا هذا، وإنما أرادوا المعنى الدقيق. ولم يكن لا عندهم ولا عندنا وقت للبحث في القواميس.

وفي القواميس: أن الخرع والخراعة بمعنى الرخاوة. خرع فهو خرع بفتح الراء وشجر الخروع سمي كذلك لرخاوته. ويقال امرأة خريع: أي ناعمة لينة شابة. والخريع أي الخليع وفي الريف المصري نقول: انخرع الطفل أي خاف. وكل ضعيف خرع بفتح الراء، والنساء الخراويع أي الحسان.

وفي العدوان الأمريكي على العراق خرج علينا وزير الإعلام بكلمة العلوج وكانت كلمة مضحكة لنا في مصر، فالمعني عندنا ليس لائقاً فهي كلمة نابية. وفي القاموس: إن العلج هو الكافر وكل صلب شديد يقال له علج. وكان وزير الإعلام العراقي يصر على استخدام هذه الكلمة التي لا نعرفها. وفي نفس الوقت هو لا يعرف ماذا حدث في العراق وللقوات العراقية. فقد كان حبيس الاستديو وكلما ضاقت به الحال وصفهم بالعلوج.

والمستشرق الفرنسي ماسيون ألقى كلمة بليغة في رثاء العالم الكبير أحمد أمين، فقال: ولطالما أمتعنا من خرارة فكره. وتضاحك المستمعون فالخرارة لها معنى آخر عندنا وإنما أراد أن يقول إن فكره كان يخر وأنه خرار متدفق!

وتوارت الكلمة في حسن نيته ولكنها احتفظت بحقها في أن تظل نكتة!

وعندما قدم السفير الإسرائيلي إسحاق ساسون أوراق اعتماده باللغة العربية الفصحى للرئيس السادات قال: ولقد هبت علينا «أرياح» السلام.

فضحك الرئيس وقال للسفير: يا ساسون الأرياح عندنا هاها هاها لها معنى آخر.. فالأرياح هي ما يخرج منا. هاها..هاها! قل رياح يا ساسون!