السجائر ودور الحكومات

TT

اذا كان سعر علبة مارلبورو يكلف دولارا فقط في الخليج ومصر فإنها تباع في بريطانيا بأكثر من خمسة دولارات. ولا يحتاج الأمر الى التأكيد على ان غلاء الثمن وراء انخفاض المبيعات، ولا يحتاج الأمر الى التذكير بأن رفع السعر مرتبط بالرسوم والضرائب، الذي هو قرار حكومي. اي أننا نستطيع ان نلوم الحكومات المعنية من دون تردد على التراخي حيال أكبر قاتل في مجتمعاتنا اليوم، فإن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن، والسلطان يملك من النفوذ ما يخفف به من هذه الكارثة الانسانية في منطقتنا.

ورغم كثرة اجتماعات وزراء الصحة والمؤسسات الحكومية على مستوى اقليمي، وتوصياتها برفع الاسعار فان احدا لم يفعل، رغم اننا نعرف ان اكثرية المدخنين اليوم هم صغار السن، الذين يعرف ذووهم ان التدخين يؤدي الى الموت سرطانيا. نحن نعرف أن الآباء لم يكونوا مدركين ذلك في شبابهم، وثانيا كانوا محاطين بكل مغريات التدخين من اعلانات، ولم يظهر ما يكفي من دراسات وأدلة تؤكد مخاطر التبغ. لكن الآباء مسؤولون عن مصير ابنائهم، ومصير احفادهم لاحقا، والحكومات مسؤولة بشكل مباشر عن التهاون مع تفشي ظاهرة التدخين. ارفعوا سعر السجائر حتى تخفضوا المآسي في البيوت.

أما بالنسبة للمتحمسين والراغبين في التقليل من الاصابات فيستحقون الشكر، رغم ان القليل تغير في مجتمعاتنا بسبب قوة لوبي التبغ ورسوخ عادة التدخين. ولا بد من القول إنهم ينهجون طرقا غير مؤثرة، كما نرى اللوحات المزروعة في شوارع مدينة الرياض، التي تحمل عبارة، «شباب بلا تبغ»! عبارة ميتة لن تقنع حتى المترددين في الاقلاع عن السجائر. كان بإمكان هذه الجهات ان تتعلم من الجمعيات الدولية ذات التجارب الناجحة التي سبقتها في مضمار الدعاية التحذيرية، كان بإمكانها الاستعانة بنجوم الرياضة والفن لمخاطبة الشباب وإقناعهم بأن التدخين مضر حقيقة. كان بإمكانهم اللجوء الى موقع منظمة الصحة العالمية والاطلاع على المعلومات المفجعة عن التدخين، أسعاره، وتكاليفه، وأضراره المجتمعية والاقتصادية والصحية. كان بإمكانهم زيارة المستشفيات ورؤية الذين ينامون على الاسرة.

التوعية هي التعامل الثاني بعد رفع سعر السجائر، الذي يمكن أن يفلح في اقناع ملايين الناس بالعدول عن التدخين او الحؤول بين الشباب وبداية طريق التبغ.

أما بالنسبة للحكومات فانها تتكلف مبالغ طائلة من أجل علاج ضحايا التدخين، وهي أموال يفترض ان تنفقها على التعليم والصحة العامة، وبالتالي من حقها ان تأخذ قيمة الرسوم المضافة على مبيعات التبغ وانفاقها على الدعاية المضادة والتطبيب، لا أن تضاف الى المداخيل العامة، حتى تحارب الجهات الرسمية شركات السجائر بأموال المدخنين، لا بأموال الدولة العامة.