هدايا صدام

TT

من حكميات الهند ان حاكما مستبدا اغتصب العرش، امر بسجن فيلسوف انتقده. توسط القوم له وقالوا للحاكم كيف تسجن مثل هذا العالم الذي يعرف كل شيء؟ قال، اذا كان كما تقولون فسأعفو عنه. فجاءوا به. راح يسأله أصعب الاسئلة والحكيم يجيبه. وكلما اصاب امر السلطان بمكافأته برغيف خبز. وبعد ان اثبت مدى علمه واعطى كل الاجوبة الصحيحة، امر السلطان بالإفراج عنه. ولكن الحكيم التفت وقال يا مولاي سؤال واحد لم تسألني إياه. قال ماذا؟ قال لم تسألني ان احزر ابن من انت؟ ضحك السلطان وقال هيا اجبني على ذلك. قال انت ابن خباز. نظر السلطان في وجهه مندهشا، وقال، نعم. صحيح. ولكن كيف عرفت؟ فأجابه: لأنك تهدي هدايا الخبازين. رغيفا من الخبز. لو كنت ابن ملوك لاهديتني هدايا الملوك: الذهب والمجوهرات.

كنت قد رويت ذلك بالنسبة لصدام حسين. إذ عندما زاره الشاعر مظفر النواب اهداه مسدسا. وهو امر شاذ.

ما حاجة الشعراء للمسدسات؟

ولكن صدام كان يهدي هدية اخرى، وهي سيارات المرسيدس التي تجوب الشوارع. شاع امر هداياه هذه بحيث اصبحت موضوعا للمنكتين والظرفاء. قالوا ان رجلا اتقن تقليد الرئيس القائد في كل حركاته واقواله وتصرفاته. راح يسلي الآخرين بتمثيل ذلك. قبضوا عليه وزجوه في السجن. وبعد تعذيبه وتأديبه لعدة اشهر، اطلقوا سراحه على ان يتوقف عن تقليد صدام حسين. خطر له لدى خروجه من السجن ان يسألهم من امر بإطلاق سراحه؟ فقالوا الرئيس القائد نفسه. فقال: «اعطوه سيارة مرسيدس». قبضوا عليه ثانية واعادوه للسجن.

تسلم احدهم سيارة مرسيدس هدية منه. قادها فرحا فخورا بها لبيته. استقبلته زوجته فزغردت فرحا بها وقالت هيا بنا نسوقها في الحارة ليرانا الناس ونحن في مرسيدس جديدة. فقال لها، لا. ليس كذلك. اذهبي اولا لأحسن كوافير يرتبون شعرك ويصبغونه اشقر ويزينون وجهك بالحمرة والبودرة وبعدين نطلع نلف بالسيارة وأنت بجانبي ونخلي الناس يقولون، شوفوا ابو حسين، سيارة مرسيدس ووياه واحدة فنانة!

حكمت محكمة الثورة بالإعدام على رجل عربي وآخر كردي. سألوهما السؤال التقليدي عما يريدان قبل إعدامهما. قالا نريد فقط ان نعرب عن ولائنا للرئيس حفظه الله.

فسمحوا لهما بالمثول بين يديه. راح الأول يعبر عن حبه له، فقال: يا سيدي انت اعظم من كل الحكام. انت وحدك استطعت ان تضرب اسرائيل بالصواريخ. فعفا عنه وامر بإعطائه سيارة مرسيدس. وجاء دور الكردي فراح يزايد على صاحبه العربي فقال: شنو الحكام؟ انت يا سيدي اعظم حتى من خلفاء المسلمين. فهؤلاء كانوا يخافون الله وانت ما تخاف من الله.

فأمر صدام بتنفيذ الحكم فيه.