الإرهاب.. وأولمبياد بكين

TT

تبدو التقارير الواردة بشأن مؤامرات إرهابية خلال العام الحالي من منطقة كاشغر الإسلامية، التي تقع في أقصى غرب الصين، ليس لها أساس: إحباط مؤامرة لتفجير طائرة، اكتشاف مخزن متفجرات «تي إن تي» تمهيدا للقيام بعمليات تفجير خلال اولمبياد بكين، عصابة إرهابية تنتهج العنف خططت لخطف رياضيين مشاركين في الاولمبياد.

ولكن ليست هذه مجرد كلام يتداول على شبكة الإنترنت، فهناك تقارير للحكومة الصينية نفسها. ولذا سافرت إلى كاشغر، وهي تقع على طريق الحرير، حيث تذكِّرك المآذن والإبل والسجاجيد بمنطقة الشرق الأوسط.

ذهبت إلى هناك باحثا عن الإرهابيين، ولكني وجدت أن هناك وزارة أمن الدولة الصينية. وبعد ساعات قليلة من وصولي إلى كاشغر، قال لي المصور الذي يصطحبني، وهو بالمناسبة صيني، إن مسؤولين بملابس مدنية قد استجوباه. وطلبا منه ألا يخبرني لأن الصحافيين الأميركيين يميلون لتناول المواضيع الحساسة.

وهذه الاستجوابات كانت دليلا على قلق السلطات بشأن استقرار الأوضاع في غرب الصين المسلم، حيث يحاول الانفصاليون هنا في منطقة شينجيانغ بناء دولة تسمى «تركستان الشرقية» وقد قاموا عدة مرات بتفجير مراكز للشرطة وثلاث حافلات للشرطة عام 1997.

وتزعم الحكومة الصينية أن 162 شخصا قد قتلوا في هذه الهجمات الإرهابية على أيدي الأويغور الانفصاليين خلال الفترة من 1990 حتى 2001. وفي هذه الأثناء أصدرت الصين أحكاما بالإعدام على أكثر من 200 شخص منذ عام 1997 لتورطهم في هذه الجرائم الانفصالية.

وخلال العام الماضي، قال مسؤولون صينيون إن 18 شخصا لقوا حتفهم عندما هاجمت الشرطة معسكرا تدريبا إرهابيا للأويغور على صلة بـ«القاعدة».

وبعد هذا في مارس (آذار)، أعلنت الصين أنها أحبطت مؤامرة لتعمد حادثة تصادم لطائرة ركاب بعد أن أقلعت من عاصمة إقليم شينجيانغ. وفي إبريل (نيسان)، قالت السلطات إنها صادرت متفجرات من بعض الأويغور كانوا يخططون لتنفيذ تفجيرات انتحارية.

وقد نقلت وكالة «الأسوشييتد برس» على لسان المتحدث باسم وزارة الأمن العام: «هذه العصابة الإرهابية التي تنتهج العنف خططت لخطف صحافيين وأجانب ورياضيين خلال أولمبياد بكين».

وبعد هذا، انفجرت خلال هذا الشهر حافلة مزدحمة بالركاب وقضى في الحادث ثلاثة أشخاص وجرح عدد أكبر. ولم يتبنَ أحد مسؤولية هذا الحادث، ولكن أعادت للأذهان تفجيرات الأويغور عام 1997.

استشهد رونالد نوبل، وهو سكرتير عام للإنتربول، في هذه الحوادث، بالإضافة إلى تقارير عن مؤامرة للانفصاليين لإفساد الاولمبياد باستخدام غاز سام. وأضاف في مؤتمر صحافي أن حدوث تفجير إرهابي خلال الاولمبياد احتمال حقيقي ووارد.

ومن غير الواضح ما الذي تسبب في كل هذا، فخلال تجولي في كاشغر وجدت أن الوضع هادئ بشكل ملحوظ. والحق أنني لم أكن أتوقع أن أكشف عن خلية إرهابية، ولكني كنت أتوقع عداء أكثر تجاه الحكومة. الأويغور العاديون الذين تحدثت معهم كانوا يعرضون مشاكل معينة، ولكنهم لم يكونوا مهتاجين مثل سكان التيبت.

ويقول صاحب محل من الأويغور: «لا يحب أحد أن يرى الصينيين يتحركون في كل مكان هنا. وبالطبع نحن متضايقون ولكن ماذا نفعل؟».

ولكن كان لشابة أخرى حديث آخر: «عندما كنت صغيرة، كانت أمي تقول لي: لا تهيمي على وجهك وإلا سيسرقك الهان، فهم من يأكلون لحم البشر». وضحكت الفتاة وأردفت: «ولكننا نرى في الوقت الحالي الكثير من الهان، ولا نخاف منهم، فعلاقتنا معهم طيبة».

وينتقد بعض الأويغور الاولمبياد قائلين إنه سوف يستنزف الميزانية المحلية. ولكن بإمكاني أن أجد نقدا ضد الحكومة أشد نبرة من هذا في أي من شوارع مانهاتن.

ولكن الشيء الوحيد الذي كان مثيرا بالنسبة لي في كاشغر هو التحايل على ضباط أمن الدولة الذين كانوا يلاحقونني في أي وقت بمجرد مغادرتي الفندق الذي كنت أقيم فيه.

في المعتاد، تقلل الحكومة الصينية من المخاطر الأمنية، ولكن تقول مجموعات حقوق الإنسان إن الصين تستغل المخاوف بشأن الأويغور كذريعة لمعاملة الأويغور المسالمين الانفصاليين. فبعد أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، أعلنت الصين حربها على الإرهاب في منطقة شينجيانغ، ولكن حسب منظمة «هيومان رايتس ووتش» ومنظمة العفو الدولية فإنه يتم استهداف مواطنين أويغور لا ينتهجون العنف البتة.

وللأسف، فقد أيدت إدارة الرئيس بوش بصورة كبيرة الحرب الصينية على الإرهاب. وفي الواقع، أشار تقرير لوزارة العدل هذا الشهر إلى أن القوات الأميركية قد ضغطت على بعض السجناء الأويغور في خليج غوانتانامو لصالح محققين صينيين زائرين. وقد قامت القوات الأميركية بتجويع السجناء الأويغور ومنعوهم من النوم، قبل دعوة المحققين الصينيين للحضور.

هذا أمر مشين، فلا يجب علينا أن نقوم بهذا العمل القذر الذي تقوم به الصين. بل يجب علينا أن نحث الصين على التساهل مع المتظاهرين المسالمين، حتى وهي تقاضي الإرهابيين.

خطر الأعمال الإرهابية خلال الاولمبياد قائم، ولكن يجب ألا يدفعنا هذا إلى التعدي على مبادئنا.

* خدمة «نيويورك تايمز»