التمييز الخفي ضد المرأة

TT

في الشهر الماضي أصبح من الواضح أن هيلاري كلينتون قد لا تكون مرشحة الحزب الديمقراطي للرئاسة. وبينما لايزال موعد انتهاء ترشيح كلينتون التاريخي غير مؤكد، يناقش الكثيرون في وسائل الإعلام والدوائر السياسية دور التمييز ضد المرأة في هزيمتها.

ما هو سبب خسارة المرشحة التي كان من المقدر لها أن تكون أول رئيسة لأميركا معركة ترشيح الحزب؟ أهو تاريخها؟ أهو زوجها؟ أو أن أميركا ليست مستعدة لأن تتولى رئاستها سيدة؟

وعلى الرغم من أنه من الصعب الوصول إلى نتائج محددة، إلا أن سلوك ومواقف الأوساط المشتركة ألقت الضوء على إجابات هذه الأسئلة. وللأسف فإن الصورة الآن توحي بأن علينا فعل شيء.

وفي مجموعة من الدراسات التي شملت المئات من المشاركين منذ عام 2005، وجدت أنا وزملائي تمييزا ماليا واجتماعيا ضد الرئيسات. ففي إحدى الدراسات، على سبيل المثال، حول حكم الناس على سلوك مدير ومديرة الموارد البشرية من المفترض أنهما يفاوضان لاسترداد أموال دفعت لمكان لم يستخدم في أحد الفنادق. وقد تم الحكم على المديرات بأنهن أكثر عنفا وأقل فرصة في استرداد الأموال من المديرين الرجال، على الرغم من أن سلوك جميع المديرين والمديرات كان واحدا. وفي دراسات لاحقة، كان سلوكهم فيها حازما باعتدال، وصف بأنه مناسب عندما كان المدير رجلا، ووصف بالعنف عندما كانت المديرة امرأة.

وفي مجموعة أخرى من التجارب، كان هناك مدير مالي ومديرة عليهما أن يختارا بين حل أزمة في العمل (مثل انهيار نظام تكنولوجيا المعلومات) أو حادث طارئ في العائلة (طفل مريض). وعندما اختارت المديرة المالية البقاء في العمل، قيل إنها كفؤ ولكنها غير جديرة بالإعجاب. وعندما اختارت الذهاب إلى المنزل، وصفت بعدم الكفاءة ولكنها جديرة بالإعجاب. أما اختيارات المدير المالي، فلم تهم، فقد وصف الرجال دائما بأنهم جديرون بالإعجاب وأكفاء.

النقطة الأساسية هنا الآن هي أن نفس السلوك إذا انتهجه الرجل والمرأة حكم عليه أحكام مختلفة، فدوما ما يكون على المرأة أن تختار بين كونها جديرة بالإعجاب أو كفءا.

وبرغم ظني ـ وأمنيتي ـ أننا قد تجاوزنا العصر الذي كانت فيه النساء محرومات من الفرص في السياسة والرياضة والأعمال، إلا أن نتائج هذه الدراسات لا تشير إلى نهاية التمييز ضد المرأة.

ومازال الأميركيون يقيمون الرجال والنساء بشكل مختلف حتى إذا كانوا يفعلون الشيء نفسه. وتظهر هنا مسألتان. الأولى: أن التراجع في اضطهاد المرأة أمر غير مقصود. فعندما تمت مواجهة المشاركين بنتائج هذه الدراسات، فوجئوا بردود أفعالهم. وكأنه لم تكن لديهم أدنى فكرة أنهم يطبقون نماذج التمييز ضد المرأة وأنهم أصدروا ضدها أحكاما قاسية.

ثانيا: انتقدت السيدات المديرات مثلما انتقدهن الرجال. فهذه ليست حربا تحارب فيها المرأة ضد الرجل. فهن يحاربن ثقافتنا وعاداتنا التي تُخضع سلوكهن وفقا لمعايير قاسية. وعلى الرغم من وجود أمثلة على الأقليات التي تحكم على ذاتها بقسوة، إلا أن النساء هن المجموعة الوحيدة «ذات المكانة الضعيفة» التي يتحيز ضدها أفراد منها.

وقبل أن تطوى صفحة حملة هيلاري كلينتون وفكرة كونها أول رئيسة، علينا أن نعيد التقييم. فهل أنتم مستعدون؟

* أستاذة في كلية ماكدونو لإدارة الأعمال بجامعة جورجتاون، ومديرة تنفيذية لمبادرة قيادة المرأة في جورجتاون.

* خدمة «واشنطن بوست»

ـ خاص بـ«الشرق الأوسط»