البرلمان الجديد.. نظرة في واقع إيران

TT

من المقرر أن يبدأ البرلمان الإيراني الجديد أولى جلساته في 27 مايو (أيار) الجاري، ليكون البرلمان الثامن منذ الثورة الإسلامية في إيران. وفي الوقت الحالي، تظهر قضيتان رئيسيتان مهمتان:

أولا: ما هي ثمار البرلمان السابع؟ هل كان برلمانا ناجحا بصورة مجملة؟ وما هو المعيار الذي سنقيس عليه نجاح البرلمان؟

ثانيا: كيف يمكن لنا أن نتنبأ بأداء البرلمان الجديد؟ وما نوع العلاقة التي ستكون بينه وبين الرئيس أحمدي نجاد ومجلس وزرائه؟ هل سيكون مشابها للبرلمان السابق، حيث كانوا تحت تأثير الحكومة؟ لقد انتقد النائب الأول لرئيس البرلمان محمد رضا باهنر الرئيس أحمدي نجاد صراحة، كما وجه نقدا للبرلمان السابع. انتقد باهنر بشدة كلا من الرئيس وحداد عادل، رئيس البرلمان السابق. أعتقد أننا يمكننا تحليل البرلمانين (السابق والجديد) بناء على وجهة نظر باهنر، الذي قال إننا نحتاج في البرلمان الجديد إلى إضاءة مصباحين مهمين! أولا: ليس لدى الحكومة نظرية للاقتصاد، فقد قضينا عامين نقنع أحمدي نجاد أن الاقتصاد يحتاج إلى نظرية وإلا سيكون من المستحيل قيادة الدولة. فعلى سبيل المثال، بالنسبة لأحمدي نجاد من المستحيل أن نمرر جبل البرز من ثقب إبرة. يجب علينا أن نفتته وأن نقطع الجبل إلى قطع صغيرة بحجم ثقب الإبرة! قد يكون هذا مستحيلا، ولكن ليس ثمة منافع البتة. ومؤخرا، أقر مجلس الوزراء أن هناك تضخما في اقتصادنا. باهنر ليس وحيدا! فقد انتقد حداد عادل، رئيس البرلمان، أحمدي نجاد أيضا. وعلى الرغم من أنني أرى أن هذه الانتقادات متأخرة، ولكن هذه أمارة على الخلافات الحقيقية بين المحافظين. ويبدو أن البرلمان قد استوعب أن أحمدي نجاد ليس له مستقبل في الانتخابات الرئاسية المقبلة. وعندما لا تكون لدينا نظرية أو خطة لإدارة البلاد، فإن الزيادة في أسعار البترول ستخلق مشاكل جديدة. واضح جدا أن البرلمان السابع كان غير ناجح على الإطلاق. وبالنسبة لي، فهو البرلمان الأضعف منذ الثورة، فقد نسي هذا البرلمان دوره المتمثل في الإشراف على الحكومة ومراقبتها. فعلى سبيل المثال، وافق البرلمان على أمرين مثيرين للجدل حول تعديل التوقيت في بداية فصل الربيع والخريف (الذي يمنع التغيير المعتاد للوقت وتأخير التوقيت ساعة في فصل الشتاء وتقديم التوقيت ساعة في الربيع). كما وافق البرلمان على تغيير ساعات العمل في البنوك! كانت الحكومة مصرة على قراراتها، وكان من الواضح أن مجلس الوزراء التابع لأحمدي نجاد يسير في الاتجاه الخطأ. في البرلمان الجديد، حصل المحافظون على أكثر من 200 مقعد. ويعود الفضل في هذا لوزارة الداخلية ومجلس الأوصياء اللذين قضيا بعدم تأهل أكثر من 2000 مرشح للانتخابات نيابة عن المحافظين. وبصيغة أخرى، فإن الانتخابات لم تكن حرة ونزيهة بأي حال من الأحوال. وقد قال الرئيس السابق محمد خاتمي إن الحكم بعد تأهل المرشحين «كارثة» يحتمل أن «تعرض المجتمع والنظام للخطر». بالنظر للموقف الخاص للبرلمان الجديد، فإن السؤال الرئيسي الذي يطرح نفسه هو: هل يمكن لهذا البرلمان أن يحل الأزمة الحالية في الاقتصاد الإيراني؟ فأحمدي نجاد يريد أن يمرر الجبل من سَم الخِياط! ماذا سيكون دور البرلمان؟ فمن الواضح أن رئيس المجلس سيكون له دور خطير في هذه المأساة. وهناك مرشحان لهذا المنصب: حداد عادل وعلي لاريجاني، وكلٍ له خصائصه الفريدة. انتقد حداد عادل أحمدي نجاد في خطاب مفتوح، حيث قال إن أحمدي نجاد شخص غير مطلع على القواعد والدستور. ومن ناحية أخرى، فقد خسر لاريجاني أدواره في المجلس الأعلى للأمن القومي ودوره كمفاوض أعلى عن إيران بخصوص ملفها النووي. وتمثل الأقلية في البرلمان الثامن نحو 50 نائبا، وإذا ما نجحوا في جذب النواب المستقلين، فقد يكون موقفهم أفضل قليلا عمّا كان في البرلمان السابق. وهذا بسبب أنه ستكون هناك منافسة حقيقية بين المحافظين هذه المرة. ويعتقد المتحدث باسم حزب «اعتماد مللي» أن البرلمان الجديد يجب أن يتهم الرئيس بالتقصير. وقد اتهم الرئيس الأول ـ بني صدر ـ من قبل البرلمان الأول بالتقصير قبل 27 عاما. وفي الوقت الحالي، يبدو أنه من الصعب اتهام أحمدي نجاد لأنه مدعوم من المرشد الأعلى للجمهورية الإيرانية والحرس الثوري. وفي الواقع، فإنه لا يمكن التنبؤ بما يحدث في إيران! فلم يكن أحد يتوقع أن أحمدي نجاد سينجح في الانتخابات الرئاسية قبل ثلاث سنوات. وربما يواجه البرلمان الجديد والمحافظين وحتى المرشد الأعلى موقفا صعبا يضطرون فيه للتضحية بأحمدي نجاد. وهذا اليوم لا يبدو بعيدا كثيرا.

ويبدو أن بالنظر إلى مع ما يرغب فيه المحافظون، فإن لاريجاني سيكون رئيس البرلمان الجديد، حيث حصل على 110 أصوات أكثر من حداد عادل في اجتماع المحافظين. وهذا يعني أنه من المؤكد سيكون المتحدث باسم البرلمان الجديد، وسيكون في موقف معقد جدا. لقد ضحى حداد عادل بالبرلمان السابق من أجل الحكومة، فهل يمكن أن يغير لاريجاني من اللعبة؟ هل يستطيع البرلمان الجديد حل أزمة التضخم؟ ففي هذه الأيام تتزايد أسعار جميع الأشياء في إيران إلى معدلات كبيرة للغاية، وهذا الوضع حصيلة الأداء الضعيف للبرلمان السابق. وأعتقد أنهم لن يستطيعوا حل المشكلة لأنهم أنفسهم كانوا جزءا منها!