يا ليتني كنت هو

TT

القنوات الفضائية الدينية تكاثرت ما شاء الله.

وأصبح يفتي ببعضها كل من هب ودب، ويقدمون النصائح والحلول والتوجيهات.

ليست كلها سواسية بالطبع، فهناك الجاد منها والمفيد والمتزن، وهناك بالمقابل المتشنّج والصارخ والمتخبّط.

والمشكلة أن هذا هو فضاء الإعلام المفتوح الذي يلعب فيه الجميع على مختلف المستويات والأهداف، وكل طرف يغني على ليلاه.

وفي ليلة من ليالي الطفش، أردت أن أسلي وحدتي بالفرجة على أي برنامج تلفزيوني، وإذا بي أقع على شيخ توسمت فيه الوقار ـ خصوصاً أن وجهه المبتسم كان يملأ الشاشة ـ وإذا بأحد (الإيميلات) يأتيه من مشاهد يعرض عليه مشكلته، وأخذ الشيخ يقرأ ما جاء في رسالته، التي يقول فيها بما معناه:

إنني يا شيخ أحسن الله إليك، رجل متزوج من امرأتين، ونسكن جميعاً في شقة واحدة، وذات يوم بعد أن عدت منهكاً من عملي، وإذا بواحدة منهما تقابلني وهي تبكي وتنتف شعرها، فسألتها منزعجاً عن السبب فأخذت تتشكى وتتظلم من (ضرّتها) ـ أي الزوجة الثانية ـ، عندها تذكرت نصيحة صديق لي يقول فيها: «اضرب النسا بالنسا والحمير بالعصا».

عندها سحبت تلك التي تبكي إلى غرفتها وضربتها، ثم توجهت للأخرى وضربتها في غرفتها كذلك ثم ذهبت إلى المجلس لكي أستريح، وبعد فترة عندما كنت ممدداً، وإذا بهما تقتحمان علي المجلس فجأة وتوسعانني ضربا وركلا ولا تتركان لي الفرصة حتى أقف على قدميّ، وكانت الأولى تمسك بيدها (عقالي)، والثانية تمسك بيدها عصا المكنسة، ولم تتركاني إلاّ بعد أن كاد يغمى عليّ، وما زالت آثار الكدمات ظاهرة على رأسي ووجهي ومنخاري الذي كاد يكسر، فماذا أفعل أثابك الله بعد أن تهزأت وتمرمطت هيبتي في الأرض؟!، أرجوك لا تطلب مني أن أطلقهما، لأنني أحبهما يا شيخ ولا أطيق فراقهما رغم ما حصل.

وبعد أن انتهى الشيخ من القراءة رد عليه بكل رزانة ـ وهذا ما تفاجأت به ـ وقال: هون عليك يا رجل، ولكن عليك أن تعرف أنه ثبت من الإحصاءات الميدانية والأسرّية أن الزواج باثنتين هو أشد الزواجات خطورة على الحياة العائلية، لأن نيران الغيرة والحماقات النسائية تكون على أشدها في مثل هذه الحالة، ويليه في الخطورة الزواج من واحدة فقط، لأنها تضفي مع الوقت على الحياة شيئاً من البرودة والركود ـ ثم أردف قائلا وهو يضحك ـ: وأنت تعرف أن بالحركة بركة، والنفس وما تشتهي.

أما نصيحتي لك فهي أن تتزوج على زوجتيك بامرأة ثالثة، فقد ثبت بالدليل القاطع أن كل واحدة من هؤلاء الثلاث سوف تستميت في خدمتك وكسب رضائك، وهذا الزواج هو أكثر الزواجات أماناً.

وأنا لا أنصحك بأن تأخذ رابعة، إذا سارت أمورك مع الثلاث (عال العال)، والله يوفقك.

تبسمت قليلا من عبقرية هذا الشيخ، وأعتقد أن فضيلته متزوج من ثلاث، لأن وجهه كان بالفعل يطفح بالبشر والسعادة والحبور.

ولا أكذب عليكم إنني حسدته، وقلت بيني وبين نفسي: يا ليتني كنت هو.

[email protected]