«فتيان الجنة»..

TT

بات كل فعل ترتكبه «القاعدة» عادياً.. تلك هي المشكلة..

إذ لم تعد ردات فعلنا إزاء ما يتواتر إلينا من أفعال وحقائق صادرة عن ما بقي من هذا التنظيم بحجم تلك الوقائع.

ثبت لنا بالصوت والصورة أن «القاعدة» تجند أطفالا لتنفيذ عمليات انتحارية في العراق ضد مجالس الصحوة من خلال شريط مصور يظهر صبية وأطفالاً يحملون أسلحة هي ربما أثقل من أوزانهم ويرددون بملامحهم التي لم تكتمل وأصواتهم الطفولية عبارات تناقلوها من معلميهم في التنظيم..

«فتيان الجنة» هي التسمية التي أطلقت على هؤلاء الأطفال وهي طبعاً تختصر الأوهام التي جرى تسويقها في أوساط هؤلاء الصغار في إطار تجنيدهم في عملية الموت تلك التي تحسن «القاعدة» توظيفها واستغلالها حتى الرمق الأخير..

قتل أطفال في عمليات انتحارية استخدمهم فيها تنظيم «القاعدة»، وتزيد المعلومات أن تلك العمليات هي في تصاعد كما تظهر الوقائع..

هذا التنظيم وملحقاته فخخ جثث الموتى واستخدم النساء في عمليات انتحارية واستغل مأساة امرأتين متخلفتين عقلياً ففجرهما في عملية مرعبة، بل ودفع أطفالا لذبح أشخاص بتهمة أنهم عملاء كما حدث في باكستان حين طلب من طفل أن يذبح «عميلا» أمام عدسة الكاميرا ففعل وتم توزيع الصور عبر الانترنت..

ماذا بقي من فظاعات لم تقترفها «القاعدة» وبالصوت والصورة!

صحيح أن الكتابة عن هذا التنظيم وخياراته السياسية والعقائدية وقيوده الاجتماعية تكاد تكون قد استنفدت وأشبعت تحليلاً ودراسة حتى ليشعر واحدنا أنه لن يقول جديداً في هذا المجال.

لكن وكأننا نعود إلى البدايات في كل مرة..

فهذا الخيال الشيطاني وصل إلى حدود تجنيد أطفال وإرسالهم إلى الموت تحت مسميات وشعارات لا تقل أذى وخطورة.. هذا الخيال المريض لم يتورع عن تفخيخ نساء متخلفات عقلياً ولم يتورع عن ذبح أبرياء وتفجير الآلاف بأبشع الصور وهو يغذي حواسنا بالحاجة إلى المزيد من التذكير بفظاعة ما يفعله.

ففي سياق الكلام الكثير عن بدء تدهور التنظيم وتقهقره وتحوله إلى مجرد فكرة وأن رأس هرمه أي أسامة بن لادن وأيمن الظواهري لم يعودا سوى ناطقين إعلاميين، هذا كله لا ينفي أن قدرة هذا التنظيم على انتهاك حواسنا كبشر هي فائقة وبلا حدود أحياناً..

لم نعد نفاجأ بما تقدم عليه «القاعدة» أو الملتحقون بها، لكننا نفاجأ بأن ردات الفعل إزاء مثل هذه الارتكابات تتراجع إلى الحدود الدنيا.

يكاد ردّ الفعل يكون في لا مبالاته أكثر قسوة من الفعل نفسه..

diana@ asharqalawsat.com