قنبلة داخل إسرائيل

TT

بينما تتذاكى إسرائيل في التحايل على كل القرارات الدولية التي تدين احتلالها للأراضي العربية، وبينما تستمر في توسيع قاعدة مستوطناتها بشكل سرطاني وخبيث، وبينما تستمر في ممارسات قمعية على الفلسطينيين فتشتتهم وتقتلهم بشكل وحشي وقبيح، يبدو أن عليها أن تواجه معركة «صادمة ومفاجئة» من نوع مختلف تماما.. معركة من قلب الداخل الإسرائيلي تحديدا!

إسرائيل التي قامت «كردة فعل» للمحرقة النازية بحق اليهود في أوروبا، تواجه الآن عصابة النازيين الجدد المكونة من المهاجرين الروس القادمة إليها.

وهذه المسألة تشكل أكبر صدمة اجتماعية للمواطنين الإسرائيليين وتجعلهم في حالة ذهول وإنكار وعلى غير مقدرة وإمكانية التعامل مع المشكلة. إسرائيل قامت بإطلاق نظام وقانون شديد المرونة يسمح للمهاجرين الروس تحديدا «بحق العودة»، ويمنح هذا القانون الجنسية الإسرائيلية لمن لديه جد يهودي واحد على أقل تقدير، ولكن بعد ذلك ونتاجا لسوء الاختيار وعشوائيته، رغبة في رفع أعداد المهاجرين في إسرائيل التي تواجه تحدي الإبقاء على مواطنيها في ظل وجود هجرة معاكسة لأوروبا وأمريكا منها، بدأت الجرائم وبدأت الاعتداءات المتوحشة تظهر من قبل عصابات نازية مكونة من شباب روس على المعابد اليهودية وعلى بعض أعضاء الطائفة الأرثوذكسية من اليهود والمعروفة بهيئتها المميزة ذات السوالف المجعدة واللحية الكثة الطويلة، وحتى على اليهود الفلاشا من الإثيوبيين أصحاب البشرة السمراء، بل وصلت الاعتداءات لتطال فئة الشباب ممن نجوا من المحرقة (وهم يعدون من الفئة المميزة في إسرائيل).

ولقد وصلت مجاميع حالقي الرؤوس إلى مستوطنات بعيدة في العمق الإسرائيلي نفسه في مواقع كقرية شيمونا وهاتزور. وفي بعض المكتبات التي تبيع الكتب والتسجيلات باللغة الروسية توجد بعض الكتب التي تشكك في المحرقة (وهذا ضد القانون الإسرائيلي!) وأغان حماسية تمجد النازية.

في حقبة التسعينات الميلادية من القرن الماضي ابتلعت إسرائيل مليون روسي رغبة منها في استمرار ميل الكفة السكانية لصالحها، ولكن مع مرور الوقت اكتشف الإسرائيليون أنهم شربوا مقلبا شديد المرارة، وذلك بمعرفتهم بأن ربع الروس القادمين لم يكونوا ممارسين للدين اليهودي، وكان من ضمنهم الآلاف من غير اليهود (لم يكن يهم إسرائيل هذه التفاصيل طالما لم يكن بينهم مسلمون أو عرب)، ولكن كثيرين من هؤلاء غير اليهود هربوا من فوضى روسيا وقت انهيار الاتحاد السوفييتي، وكان لديهم تعاطف مع المشروع الصهيوني، إلا أن نبتة معاداة السامية الموجودة في روسيا ظلت معهم (استطلاعات الرأي كانت قد أظهرت أن حوالي 70 ألف روسي ينتمون لمنظمات بيضاء عنصرية وأن 35% من الشعب الروسي «لا يحب» اليهود)، وبالتالي انفجرت هذه القنبلة في وجه إسرائيل ولا تزال شظاياها تؤذي وتحير إسرائيل.

يا ترى لماذا يحدث ذلك؟