طفولة بائسة.. ونهاية مزرية

TT

كان بول بوت، جزار كمبوديا، ابنا لفلاح فقير يعمل لدى إقطاعي يسكن العاصمة. وعندما كان يعود إلى القرية يأخذ في ضرب أولاده وزوجته، التي تعمل خادمة في المنازل. وعندما تسلم بول بوت الحكم أفرغ المدن وأرسل أهلها إلى العمل في الحقول. ويبحث كتاب «وراء كل ديكتاتور طفولة بائسة» (1) في ماضي أشهر ديكتاتوريي العالم لكي يؤكد نظرية الفرنسي جان انوي القائل: إن حاضر الإنسان ومستقبله نتاج لماضيه الذي لا يستطيع الخروج منه. ثم يقدم الأمثلة والنماذج: هتلر من عائلة فقيرة فقد أربعة أشقاء وتوفي والده وهو في الثالثة عشرة فعملت أمه خادمة عند يهودي كان يعاملها بقسوة شديدة أمام عيني ابنها. وصدام حسين فقد والده ونشأ في كنف أم معوزة ولما تسلم السلطة بنى لنفسه 48 قصرا. وكان ستالين ابن اسكافي سكير وأم اضطرت إلى العمل في البيوت لإعالة زوجها المدمن وابنها الوحيد. وهرب ستالين من ماضيه لدرجة أنه غير اسمه. وكره والدته، وخلال ثلاثين عاما قابلها ثلاث مرات ورفض دعوتها إلى الكرملين. ولم يثق طوال عمره بأحد. وأعدم معظم من حوله.

ولد بنيتو موسوليني في عائلة إيطالية شديدة الفقر. كان والده مهوسا بالأعمال السياسية الصغيرة وأمه تعمل لتربيته. طعن رفيقا له وهو في الثامنة من العمر. وكما انتهى هتلر بعد حرب مدمرة منتحرا انتهى حليفه موسوليني معلقا من ساقيه هو وعشيقته التي حاول الفرار معها إلى سويسرا. يضم المؤلف رئيس وزراء روسيا حاليا ورئيسها السابق فلاديمير. صحيح أن بوتين جاء إلى الكرملين من الاستخبارات، لكن ذلك لا يجعل منه طاغية ولا ديكتاتورا كما تشاء الصحافة الأميركية. ويجب ألا يغيب عن بالنا أن الذي بدأ حركة الحرية و«البريسترويكا» في الاتحاد السوفياتي كان مدير المخابرات يوري اندروبوف، فإذا كان اسم الكي. جي. بي قد ارتبط بجرائم بيريا في المرحلة الستالينية، فإن ذلك لا يعني أنها ظلت كذلك بعد إصلاحات خروشوف ومن تلاه. يتناول الكتاب ديكتاتور إسبانيا فرانسيسكو فرانكو والحرب الأهلية وضحاياها. و«يوفق» في عرض سيرة نيكولاي تشاوشيسكو ديكتاتور رومانيا الذي بدأ حياته اسكافيا وأطلق على نفسه مجموعة ألقاب منها: «القائد العظيم» «الملهم». بنى تشاوشيسكو لنفسه خمسة قصور عمل في أحدها 17000 رجل، فيما كان يمنع عن شعبه الخبز. أيضا كان والده سكيرا مثل والد ستالين. وتحاشى تشاوشيسكو الإشارة إليه طوال حياته. وعندما مات لم يحضر جنازته. رجل تريد رومانيا أن تنساه.

(1) صدر عن دار الكتاب العربي