محاولة لكشف عيوب المرشحين الرئاسيين

TT

استغرق «كريستوفر كولمبوس» حوالي 70 يوماً للوصول إلى العالم الجديد ـ ما يعادل أقل قليلا من نصف الوقت الذي استغرقناه حتى ننتهي من الانتخابات التمهيدية لعام 2008. إلا أنه بحلول ليلة الثلاثاء سنصل إلى محطتنا النهائية. ويبدي أنصار كل من «ماكين» و«أوباما» تفاؤلا إزاء النتيجة النهائية. ومن الواضح أن الجانبين لا يضعان خطة حال التعرض للهزيمة، بينما يبدو ان كلاهما واثقاً من الفوز.

لذا، سأعمد اليوم إلى كسر هذه الثقة وإثارة القلق بكلا المعسكرين. فعلى الجانب الأول، نجد أنه منذ ضمانه فعلياً الفرصة الأكبر للترشح لانتخابات الرئاسة، خسر «أوباما» في سبع من الجولات الانتخابية التمهيدية الـ13 الأخيرة. ويرى المقربون من المرشح الديمقراطي أن هذا الأمر ليست له أهمية، معربين عن اعتقادهم بأن نتائج الانتخابات التمهيدية داخل ولايات مثل «بنسلفانيا» و«أوهايو» لا تعتبر مؤشراً على نتائج الانتخابات العامة.

إلا أن هذا الطرح مشكوك في صحته، ذلك أنه رغم أن الناخبين يبدون حالياً تفضيلهم لمواقف الحزب الديمقراطي إزاء معظم القضايا الكبرى، يتقدم «أوباما» على «ماكين» بفارق 0.7% فقط بناءً على نتائج استطلاعات الرأي التي أجرتها منظمة «ريال كلير بوليتيكس». وتكشف الإحصاءات المتوافرة أيضاً أن معدلات تأييد «أوباما» بين المستقلين تراجعت من 63% إلى 49% منذ فبراير (شباط) السابق.

علاوة على ذلك، عمد «أوباما» خلال الأشهر الماضية إلى محاولة التودد إلى الطبقة العاملة بشدة، لكن يبدو أن جهوده لم تفلح، حيث أعرب «رون براونشتين»، من «ناشونال جورنال»، عن اعتقاده بأن مستوى تأييد المرشح الديمقراطي لم يتحسن في أوساط الناخبين بالولايات التي أجريت بها الانتخابات التمهيدية في فترة متأخرة، مثل «بنسلفانيا»، عما كان عليه الحال في 26 من إجمالي 29 ولاية أخرى خاض بها الانتخابات التمهيدية في وقت مبكر نسبياً وخسر بها أصوات الطبقة العاملة.

ومن الواضح أن «أوباما» يمتلك ميزة فريدة في خطاباته تجتذب أصوات الطبقات ذات المستوى التعليمي الرفيع، لكنها تعجز عن تحقيق المثل مع الطبقات الأدنى تعليماً. وعليه، نخرج في النهاية بهذه النتائج المتضاربة لاستطلاعات الرأي، فعلى سبيل المثال، أظهر «مركز بيو للأبحاث» أن الناخبين يتفقون مع موقف «اوباما» إزاء الحرب في العراق، لكنهم يثقون بدرجة أكبر في قدرة «ماكين» على التعامل مع هذه القضية.

من ناحية أخرى، أوضح «بيتر هارت»، الذي يعمل لدى «مركز أنبيرج للسياسات العامة»، أن الناخبين المستقلين انبهروا برسالة «أوباما» الداعية للتغيير، لكنهم لا يكادون يعلمون عن حياته أي معلومات سوى أنه كان يواظب على ارتياد كنيسة «المبجل جيرمياه رايت». وبينما تنتمي عائلة «ماكين» إلى الحقل العسكري منذ أجيال طويلة، يشعر الناخبون المستقلون بالعجز عن الربط بين «أوباما» وأي من التجارب الحياتية التي يمرون بها، الأمر الذي يرى «هارت» أنه ربما يسهم في سقوطه.

وأخيراً، تسود قناعة قوية لدى أنصار «أوباما» بأن باستطاعتهم تصوير «ماكين» باعتباره «بوش الثالث»، إلا أن هذه الحجة تفتقر إلى الدقة، ذلك أنه باستطاعة المرشح الجمهوري دحض هذا الادعاء من خلال الإشارة إلى عشرات الحالات، بدءا بقضية التعذيب وحتى ارتفاع درجات حرارة الأرض والإنفاق الوطني، التي اختلف فيها مع حزبه.

وعلى الجانب الآخر، يسود اعتقاد قوي داخل المعسكر الجمهوري بأن «أوباما» من السهل التغلب عليه. ويبدي أعضاء مجلس الشيوخ من الحزب الجمهوري ازدراءً تجاه قدرات المرشح الديمقراطي.

بيد أنه في الواقع، يعد «أوباما» بعيداً كل البعد عن كونه خصم يسهل إنزال الهزيمة به، الأمر الذي سيدركه الجمهوريون حال موافقته على المشاركة في اجتماعات المدينة مع «ماكين». ومن المعتقد أن نعت «ماكين» خصمه الديمقراطي بالسذاجة سيؤتي بنتائج سلبية، ذلك أنه عندما يهاجم «ماكين» «أوباما» متهماً إياه بالسذاجة، ينظر جميع الناخبين إلى المرشح الجمهوري باعتباره سلبياً وفظاً.

الأهم من ذلك، أن مشكلة «ماكين» الكبرى تكمن في أن حزبه غير ملائم لممارسة الحكم. ومثلما كشف بحث وضعه «دافيد وينستون» التابع للحزب الجمهوري والمعني بإجراء استطلاعات للرأي، فإن أي سياسة مطروحة تفقد شعبيتها حال معرفة المواطنين أن الجمهوريين يؤيدونها.

ويعيش الكثير من الجمهوريين ضحية لوهم أنهم يواجهون مشكلات جراء عدم إخلاصهم لمبادئهم الجوهرية، لكنهم لا يدركون أنه حال تمسكهم بصورة أكبر بتلك المبادئ، كانت مكانتهم ستزداد تراجعاً.

مما سبق يتضح أن «أوباما» في حاجة لتقديم سيرة ذاتية تقرب المسافات بينه وبين الناخبين، بينما يتعين على «ماكين» شرح كيف أنه يطرح مساراً جديداً ومستقبلا قوياً. وحتى الآن، لم يحقق أي من المرشحين المطلوب منه.

* «نيويورك تايمز»