نحن في السنغال.. طمنونا عنكم

TT

بعد مكة واتفاقها والخطاب الارتجالي الفصيح الذي ألقاه السيد إسماعيل هنية لتهنئة الأمة العربية والإسلامية ومناصري القضية حول العالم، وبعد طول السفر إلى صنعاء والاتفاق الذي باركه بكل اعتزاز وابتهاج الرئيس علي عبد الله صالح، ها هم الإخوة الفلسطينيون يظهرون في داكار، على خط الاستواء، أقاصي غرب أفريقيا، لكي يبحثوا في اتفاق جديد برعاية الرئيس عبد الله واد.

يا سيدي مبروك سلفا. الاتفاق وبنوده والقسم على احترامها. وخريطة هذا العالم وسيعة وسع الصدر العربي وسعة الألم الفلسطيني. خلاف بالزائد اتفاق بالناقص، كلو واحد. وساطة فرنسية مع حماس من أجل أن تقبل بالكلام مع فتح. برضو كويس. زيادة الخير خير.

اعتاد الشعب الفلسطيني على الانتظار وصبره مشهود. انتظر نصف قرن لكي يعود إلى غزة ورام الله والآن في إمكانه أن ينتظر 50 عاما أخرى لكي تعود غزة إلى رام الله ورام الله إلى غزة. إذن، أين هي المشكلة؟

لا مشكلة في الأمر، إنما الذاكرة منبه له مضاعفات جانبية. أواخر السبعينات كانت داكار المكان السري للمحادثات بين عصام السرطاوي والإسرائيليين. وبعدها قتل السرطاوي في البرتغال بتهمة الاتصال بالعدو مع أنه كان مكلفا. واغتال العراق ثلاثة من مديري مكاتب منظمة التحرير في أوروبا بتهمة الاتصال بالإسرائيليين. وعندما أعلن صدام حسين ذلك لوفد المنظمة الزائر وهو يودعه في مطار بغداد تلفت في الوجوه محذرا من سوء المصير.

يفهم المرء أن يذهب السرطاوي إلى خط الاستواء بعيدا عن الأعين. لكن هذه الرحلات المشتركة حول العالم، بين حماس وفتح، غير مفهومة. وكما كتبت بعد لقاء صنعاء، مغامرا في نرفزة إخواننا اليمنيين، أكرر اليوم أن داكار ليست نهاية الرحلة. المفاوضات الأخوية مستمرة والرعاة وأصحاب النوايا الطيبة كثيرون والحمد لله.

وأتوقع ـ أو اقترح ـ جاكرتا المكان التالي. أنا أعرف تماما وقد شاهدت مدى حرصهم على القضية الفلسطينية وحماسهم لها.

نحن في لبنان، ولا غرو، نختار على الأقل الأماكن القريبة. ولا نريد تعذيب المضيفين كثيرا. والدليل أن قطر أوفدت الينا الآن مدير مكتب رئيس وزرائها لكي يستطلع تعقيدات الأزمة. فقد ذهب لبنان إلى الدوحة وجاءت الدوحة إلى بيروت واعتقدنا أن كل شيء انتهى، فإذا كل شيء بدأ، أو حتى لم يبدأ بعد.