أيهما تختار: الكلبة أم الخطيبة؟!

TT

هو طبيب بيطري شاب كان في منزله يرتدي ملابس السهرة للذهاب مع صديقته أو خطيبته التي كانت (واقفة على رأسه) تستحثه بالاستعجال، حيث أنهما قد تأخرا قليلا على الذهاب إلى مكان الحفلة الذي يبعد عن مكانهما 15 كيلومترا، وعندما كاد ينتهي وإذا بتلفونه يرن، وكان على الطرف الآخر صديقه الشرطي يخبره أن هناك (كلبة ضالة) دهستها سيارة وهي بين الحياة والموت، ويرجوه أن يحضر لإعطائها حقنة تنهي حياتها وتريحها من هذا العذاب. قرر أن يذهب إلى هناك في الوقت الذي كانت صديقته معارضة وغاضبة، غير أنها رضخت طالما أن المسألة وما فيها هي مجرد حقنة على الواقف (والسلام).

وعندما وصلا وشاهد الطبيب حالة الكلبة المزرية حيث أن إحدى أرجلها. مكسورة، وعينها اليمنى مدلاة خارجة من محجرها، والجراح والدماء تغطي شعرها، وعندما هم بإراحتها وإنهاء حياتها، وإذا بالكلبة تحدق له بعينها السليمة وكأنها تستعطفه.

عندها لم يملك الطبيب إلا أن يتوقف عن ما كان ينويه ويقرر أن يأخذ الكلبة معه ويبذل المستحيل لعلاجها، وجن جنون الصديقة وكادت تنتف تسريحة شعرها الجميل، وأخذت تصيح بوجهه: هل أنت مجنون، كيف نترك السهرة وقد تواعدنا مع أصحابنا؟!، وأخذت تزيد عليه بالكلام (وتناقرا)، بل وتشاتما، وخيرته قائلة: اسمع لديك خيار واحد (يا أنا يا الكلبة).. فقال لها: ما دامت هذه هي عقليتك، وأنت التي أصررت لدفعي إلى هذا الاختيار السخيف، فاسمحي لي إذن أن أقول: إنني اختار الكلبة عليك.

وتركته وهي (ترغي وتزبد) لتركب أول سيارة تاكسي، (وهذاك وجه الضيف) ـ أي انفصلا ـ.

اتصل الطبيب بالممرضة التي تعمل عنده، وأمرها أن تسبقه إلى العيادة وتفتحها وتنتظره هناك، حيث أنه سوف يجري عملية طارئة وكبيرة.

وفعلا حمل الكلبة بكسورها وجراحها ووضعها بسيارته التي تلطخت هي وملابس السهرة بدمائها.

وعندما وصل، حملها مع الممرضة إلى غرفة العمليات، ومددها على الطاولة.. وأعطاها مخدرا لتخفيف الآلام، ثم بنجها، وبدأ بعينها التي زيتها وأدخلها مجدداً في محجرها بعد أن قطبها.

ثم شرع في العمل على الكسر وتجبيره، ثم بدأ يطهر الجراح ويخيطها، وما كادت الساعة تعلن الرابعة صباحاً إلاّ وكان قد انتهى من العملية.

نظر في ساعته وهو يمسح عرقه من جبينه ويبتسم قائلا للممرضة: أكيد أن السهرة في مكان الحفلة الآن هي على أشدها، ولكنني متأكد يا عزيزتي أن سهرتنا مع هذه الكلبة المسكينة هي أبرك من تلك السهرة.

شفيت الكلبة تماماً بعد شهر، وأخذها الشرطي في منزله (وتبناها) وبعد سنة ونصف تقريباً، ذهب الطبيب إلى زيارة الشرطي، وإذا الكلبة تستقبله وخلفها أربعة جراء صغيرة، وما أن شاهدته حتى عرفته، وإذا بها تتقافز فرحة عن يمينه وشماله وتنبح وكأنها تقول له: شكراً.. شكراً.

هذا هو ما فعله ذلك الطبيب البيطري مع تلك الكلبة.

ولكن ماذا يفعل بعض أطباء البشر من أصحاب الضمائر (الهزيلة)، ماذا يفعلون للمرضى من المصابين والأطفال والعجائز ـ خصوصاً إذا كانوا (على الحديدة) ـ؟!

[email protected]