مادام الغد أسوأ من اليوم (3 ـ 3)

TT

إنني لا أرى حلا وأتحدى أي إنسان يدلني على حل. فليس في كل ما نفعله أو نقوله ما يدل على أننا نريد حلا لمشكلة فلسطين. وإذا لم يجد الفلسطينيون حلا، فلن يجده أحد سواهم. لا تصدقوا أعلى الأصوات ولا أقربها. فالشعوب لها هموم ولها مصائب وفيها ملايين الساخطين لأنهم لا يجدون الطعام والشراب والعلاج والوظيفة والسرير في المستشفى والمقعد في المدرسة والطريق إلى المستقبل. وليس من بينها شعب واحد نذر نفسه لحل القضية الفلسطينية. ولست في حاجة إلى أن أعيد وأزيد، فالخريطة أمامنا والهموم حولنا والضيق بأنفسنا أقوى من أسفنا على ما أصاب لبنان وفلسطين والسودان والصومال والعراق وإيران وباكستان وأفغانستان.. جلست مع عدد من زعماء فلسطين ومن أبنائهم الساخطين عليهم ومن الصارخين في البرية ومن المبشرين بالجنة. أكثرهم سعداء بأنهم في القاهرة وفي السعودية وفي أوروبا باسم الكفاح من أجل القضية.. وننظر إلى ملابسهم الأنيقة والساعات الموضة في أيديهم والكرافتات والأحذية ويتأكد لدينا أنهم جاءوا لحفلة زفاف وليس للسير في جنازة. فهل هؤلاء يريدون العودة إلى فلسطين ـ ولا أقول إلى إسرائيل؟!

إنهم ليسوا جادين. فإذا كان نصف الشعب هازلا والنصف الثاني يبكي ويلطم على ما راح منه وما سوف يروح: على الولد والبيت وأي أمل في النجاة، فبالله عليك من الذي يواجه إسرائيل بالعقل والمنطق والحساب يريد حلا.. ما الذي تعلموه من الحياة في إسرائيل ومعها.. ومن الذي درس ألاعيب السياسة ومن يملك الحل.. أو الطريقة إلى الحل أو الخروج بكلمة الهدنة ووقف إطلاق النار والمفاوضات خطوة خطوة.. لا أحد.

وإذا قلنا للفلسطينيين شيئاً بالعقل قالوا: ملعون أبو العرب والعروبة.. ولكن ماذا فعلوا هم كفلسطينيين ومن الذي يمثلهم ولا يرتابون فيه.. ومن الذي كان يدل الطائرات الإسرائيلية على الزعماء ومن الذي أوصل السم الإسرائيلي إلى شفتي أبو عمار.. ومن الذي لا يزال عنده الاستعداد أن يكرر ذلك وأن يلعب بالنار في مصر التي والتي..

أنني لا أرى طريقا ولا حلا ولا أملا ـ ما دمنا هكذا وتزداد سوءا!