عرب وأوباما

TT

بدأت ردود الفعل المتباينة في العالم العربي تظهر إزاء ترشح أوباما لمنصب رئيس الولايات المتحدة عن الحزب الديمقراطي. جمعتني منذ أيام جلسة خاصة مع مجموعة من الأصدقاء العرب، وكان طريفا ومدهشا التباين في الآراء والتوقعات المرجوة من باراك أوباما. فجلال، وهو مهندس مصري في أواخر الأربعينات من عمره، كان يعلق بأن التغييرات في أمريكا ستكون سطحية، ولا يجب التفاؤل بشكل مبالغ فيه أبدا وأن «عقدة النقص» الموجودة في شخصية أوباما باعتباره من الأقليات ستجعله راغبا في إثبات وجود أمام اللوبي الإسرائيلي بالولايات المتحدة بشكل كبير مما يعني أن البيت الأبيض سيتحول إلى «البيت الأسود ومنيل». أما عماد، وهو محاسب فلسطيني في نهاية الثلاثينات من العمر، فكان له رأي آخر يقول فيه إن حماس العرب الشديد وإعجابهم بشخصية باراك أوباما مستمد بشكل أساسي من قراره المعروف الآن بالاعتراض على الغزو الأمريكي للعراق واعتراضه على الحرب، إلا أن موقفه المؤيد بقوة للأعمال العسكرية غير المحدودة في أفغانستان وعدم اعتراضه على السياسة الاستيطانية المسعورة لإسرائيل في الأراضي الفلسطينية المحتلة، وعدم اعتراضه على العدوان الإسرائيلي على لبنان في صيف 2007 يجعل من أوباما «مثله مثل غيره». ووقتها تحدث جاسم، وهو رجل أعمال كويتي في أوائل الخمسينات من عمره، وقال إن أوباما هو تابع المجتمع الأمريكي ومؤسساته ولا يمكن أن يشذ كثيرا بعيدا عن أهداف واضحة واستراتيجيات معدة سابقا من قبل إدارة متمرسة وكفاءات وقدرات غير عادية، وبالتالي لا يمكن توقع انقلاب في المواقف هكذا وفجأة وكأنه تغيير في أنظمة الحكم بأمريكا نفسها. ولم يتمالك الهادي نفسه، وهو طبيب تونسي في أوائل الأربعينات، فأدلى برأيه هو الآخر، وقال إن أوباما يأتي من خلفية مضطهدة ورأى بأم عينيه الآراء السلبية في حق أمريكا من الكثير من دول العالم، وبالتالي سيكون تركيزه على تنمية الحقوق واحترام الواجبات والعهود والعمل على إزالة المظالم والاضطهاد في دول العالم عبر تشريعات وسياسات مع دول العالم لا عبر إرغامها وإجبارها بالقوة المذلة، وبالتالي من المنتظر أن ينال العالم العربي حقه وقدره في تطورات من هذا النوع، بحيث يجرم فيه التمييز بأي شكل من أشكاله ويتم معاقبة كل أشكال التعديات المعنوية والمادية التي تؤصل أواصر الفتنة والانشقاق والطبقية المقننة داخل المجتمعات والدول.

العرب يبدو أنهم في حيرة شديدة من أمرهم في كيفية التعامل مع باراك أوباما كرئيس لأمريكا (إذا ما فاز في انتخابات نوفمبر)؛ فهم يحذرون من الإفراط في التفاؤل لأنهم سبق أن خاب أملهم فيمن تحمسوا لهم من قبل، وفي نفس الوقت لا يمكن أن يغفلوا أن باراك أوباما مرشح تاريخي وقريب «منهم» وقد يتفهم أوضاعهم ويراعي أسباب اضطراب العلاقة العربية مع الولايات المتحدة الأمريكية، ولكن قد يبدو أن وصول باراك أوباما للبيت الأبيض، لو حصل، سيكون فصلا جديدا ومختلفا في العلاقات الأمريكية ـ العربية بطله اسمه الأوسط «حسين» جاء للحكم بعد 7 من اعتداءات الحادي عشر من سبتمبر في أمريكا. ويبقى السؤال هل سيصل للحكم ويصنع التاريخ ونحن على بعد أشهر قليلة جدا والعالم ينتظر.

[email protected]