ما خلفته الحرب

TT

لا بد أن لاحظ القارئ أن كل ما أوردناه من فكاهات وسخريات يتعلق بعالم المشرق العربي، وكأن أهل المغرب العربي مجردون من روح الفكاهة. هذا طبعا غير صحيح، فالضحك مصير الإنسان، وطالما كان هناك ظلم وشقاء فهناك ساخرون وظرفاء. وسيسرني جدا أن اسمع من إخواننا في المغرب العربي الكبير شيئا من فكاهاتهم وسخرياتهم السياسية لأضمنها شاكرا في هذه السلسلة. وحتى يتيسر لي ذلك، دعوني أستذكر شيئا من فكاهات ميدان آخر من عالمنا التعيس: حرب الخليج.

تخلف الحروب دائما ثروة من النكات والفكاهات التي يبدو أنها هي التي تغذي المقاتلين في عراكهم. يقولون الجيوش تزحف على معدتها وأقول المدنيون يأكلون من فكاهاتهم.

وكما نتوقع، انصبت السخرية على العساكر. ذكروا أن شيخا مسنا لاحظ ضابطا يتجاوز صف التموين ويأخذ ما يريد من الخبز في المقدمة. فقال له: « يا ابني قبل ما تضرب الصف وتغلبنا روح اضرب هالطيارات الأمريكية اللي فوق راسنا».

وفي الكويت، اصدر المحتلون العراقيون صحفهم المأجورة. حملت إحداها هذا الإعلان: «سيدة سيري لانكية في حاجة الى شغالة كويتية».

بتجنيد الشباب العراقي للحرب، اضطرت الحكومة الى استيراد العمالة من مصر. سرعان ما ملأ المصريون سائر الأعمال والمهمات في العراق حتى اخذ الجمهور يتضايق منهم. قالوا إن رجلا عثر على فانوس علاء الدين السحري ففركه فخرج اليه العفريت وقال: « لبيك! لبيك! أنا عبدك بين يديك. اطلب ما تريد!« قال له الرجل أريد منك شيئا واحدا ، وهوان تخرج كل هؤلاء المصريين من بلدنا. فأجابه العفريت بلهجة كئيبة: «ليه يا سعادة البيه، والنبي ده نحن ناس غلابه».

وفي بغداد، استغل الصينيون الوضع في العاصمة العراقية ففتحوا مطعما كبيرا سموه: «فوتوموتو».

أما في الجبهة، فقد عينت القيادة العسكرية مجندا سامرائيا لمنصات صواريخ سكود. قال له الضابط خلي بالك زين على هذي الصواريخ لما تضربها. كل واحد منها كلفنا مليونين دينار. فسدد الجندي الصواريخ على مدينته سامراء وأطلقها قائلا: «أهلنا في سامراء أولى بهالمليونين دينار».

تلت الحرب فترة الحصار وقلة المواد الغذائية في العراق. واثناء ذلك، شاء العساكر الامريكان ان يستأنسوا بمصارعة كلب عراقي مع كلب أمريكي. كان الكلب العراقي يبدو هزيلا نحيلا تماما في حين كان الكلب الألزاسي للقوات الأمريكية يبدو جبارا سمينا مفتول العضلات. ولكن الكلب العراقي كان ينتصر في كل جولة ويترك الكلب الألزاسي يولول من الوجع ويلعق جراحه. تعجب القائد الأمريكي من ذلك فذهب وسأل الكلب العراقي ما هو سر قوتك؟ فأجابه قائلا: أنا أصلي أسد، ولكن الجوع والحصار حولني الى هذه الهيئة».