العامل اللبناني في الحوار الفلسطيني

TT

استعار اسماعيل هنية الحاكم الفعلي لقطاع غزة الان الشعار اللبناني الشهير لا غالب ولا مغلوب في تحديده شروط الحوار مع حركة فتح والسلطة الفـلـسطـيـنـية بعد الدعوة التي اطلقها الرئيس الفـلـسطـيـنـي محمود عباس الى حوار وطني شامل. والملاحظ ان الاتفاق الذي ابرمه اللبنانيون في الدوحة وسهل انتخاب الرئيس واوقف مسيرة التدهور الامني التي كانت يمكن ان تأخذ لبنان الى نفق مظلم كانت له انعكاساته على الوضع الفلسطيني الذي يشهد منذ اكثر من عام انقساما شديدا سياسيا وجغرافيا بعد سيطرة حركة حماس على غزة وطرد السلطة من القطاع.

فكما ان هناك عدوى للاضطراب والازمات فان الاشياء الايجابية معدية ايضا، ولذلك خرجت اصوات فلسطينية عديدة بعد الاتفاق اللبناني تطالب برعاية عربية ايضا لحوار فلسطيني ـ فلسطيني يوقف حالة الانقسام والاستقطاب الحالية اسوة بما حدث مع لبنان.

كما بدأت تظهر اشارات عديدة سواء من الجانب الفلسطيني او دول عربية او الجامعة العربية لمبادرات من اجل تنظيم حوار للفصائل الفلسطينية بهدف توحيد مواقفها واعادة حالة الوحدة الوطنية، وكانت هناك المبادرة اليمنية التي اعلن الطرفان قبولها في صنعاء ثم انفضا من حولها بعد ساعات قليلة، كما صدرت اشارات من الجامعة العربية على استعدادها لاستضافة حوار فلسطيني ـ فلسطيني، واخيرا دخلت السنغال على الخط من خلال الجهود التي يبذلها رئيسها بعد استضافته اخر قمة اسلامية، وسط تقارير عن محاولته تنظيم لقاء بين الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس المكتب السياسي لحركة حماس.

ولان الملفات الاقليمية اصبح فيها الكثير من التشابك والتأثير المتبادل، فان فك عقدة الاتفاق اللبناني احتاج الى مفكات من جانب قوى اقليمية متداخلة مع الملف ولها تحالفاتها هناك خاصة سورية التي بدأت مفاوضات غير مباشرة مع اسرائيل، وتبدو هناك علامات على انفراج حذر في علاقاتها مع اوروبا، واشارات على تحركها دبلوماسيا على الصعيد العربي بعد توترات في علاقاتها تسببت فيها الازمة اللبنانية.

ونفس هذه المفكات يمكن ان تكون فعالة في حلحلة العقدة الفلسطينية اذا وضع في الاعتبار ان قيادة حماس وفصائل اخرى مناوئة للسلطة موجودة في دمشق.

مع ذلك فانه يجب الانتباه الى ان الوضع الفلسطيني مختلف تماما عن اللبناني، فالازمة اللبنانية في معظمها صراع محلي، وفي دولة ذات سيادة يعترف بها العالم كله، بينما الازمة الفلسطينية صحيح انها صراع داخلي لكن على خلفية واقع شعب لايزال يكافح للحصول على دولته وسيادته، وتتغير بشكل مستمر التركيبة الجغرافية التي يتحرك عليها سياسيوه، ويتعرض الفلسطينيون العاديون الى اوضاع معيشية صعبة للغاية وبدون امل في تحسن.

وقد يكون شعار لا غالب ولا مغلوب مناسبا من زاوية الحصول على تهدئة وحفظ ماء الوجه، لكنه ليس مناسبا لمعالجة جذور الازمة، فما تحتاجه فتح وحماس هو حوار حقيقي يوحد المواقف، فالخلاف الفلسطيني الذي تعود جذوره الى اتفاق اوسلو ليس طائفيا وانما هو سياسي بالدرجة الاولى مع امتدادته الاقليمية التي تجعله في بعض الاحيان ورقة في صراع اقليمي ودولي اكبر. واذا كان هناك ادراك بان الفلسطينيين ليست لديهم رفاهية او الوقت الكافي للسماح باستخدامهم ورقة في صراعات اخرى وان مصلحتهم في الحصول على دولة مستقلة يعترف بها العالم وازالة المعاناة عن شعبهم تتقدم على أية مصالح اخرى سيسهل الحوار والاتفاق بما يجعل موقفهم التفاوضي في أية مفاوضات سلام قويا.