الكاتب بين تدليل القارئ وقسوة الصحيفة

TT

رأست تحرير عشر مجلات هي: الجيل وهي وآخر ساعة واكتوبر والعروة الوثقى ووادي النيل ومايو وكاريكاتير. وصدر قرار برئاستي لتحرير جريدة القاهرة وكذلك الكاتب المصري الذي كان يرأسها طه حسين. ثم توقفت عن الصدور سنة 1948.

وفي هذه المجلات كنت أقوم بممارسة صحفية أو لعبة صحفية. فلأن هذه مجلات جديدة ولم يعرفها ولم يعرفني الناس. فكنت أكتب باب رسائل القراء واختار لها أسماء مختلفة من بينها خطابك وصل. شكراً ... شكراً على خطابك.. ونحن سوف نرد عليك. وهذا الباب بقلم القراء تعليقاً على المقالات والموضوعات وكلها من تأليفي والهدف أن أشجع القراء على أن يكتبوا. وكنت فظاً في بعض الأحيان في التعليق على المقالات من بينها مقالاتي أيضاً. وكنت أقتصد في المديح وأسرف في النقد العنيف وتضايقت من هذه اللعبة السخيفة ولكن المعنى: أن هناك وجهات نظر كثيرة وزوايا متعددة لأي موضوع. واضطررت في بعض الأحيان أن أرد على هذه التعليقات. أي أن أرد على نفسي وفي منتهي العنف. وتضايقت من هذه التمثيلية فأنا الذي أعرف أنها تمثيلية ولكن القراء لا يعرفون. ولكن شجعت زملائي على أن يكتبوا تعليقات على المقالات. وفي ذلك استدراج للقراء أن يفعلوا نفس الشيء. وأنا أجد متعة في قراءة تعليقات القراء إنها وجهات نظر تغيب عني أو عن أي كاتب. وأنا لا أمل قراءة رسائل القراء. وقد اخترت من كتاب «الشرق الأوسط» عدداً من كبار الكتاب أقرأ لهم وأقرأ عنهم. وأحياناً أشعر بالظلم ظلم القارئ للكاتب. وأضيق بمثل هذه الرسائل التي لا يقول أصحابها شيئاً وإنما الصحيفة قد أعطتهم الحق في أن يقولوا أي كلام. المهم أن يكون للمقالات صدى. وأن يشارك القراء في الكتابة. وقد قرأت تعليقاً لأحد القراء في غاية الفظاظة والغلظة وأدهشني أن سمحت الصحيفة لمثل هذه الإهانة لكاتب كبير. وكان رده (الكاتب): «يجب أن يتسع صدري كلما ضاقت آفاق القراء» .. لقد تم استعداء الصحيفة على الكاتب وتدليل القارئ!