حملة نثق بها؟

TT

كان خطاب هيلاري كلينتون عن انسحابها يوم السبت خبر نهاية الأسبوع. ولكن يجب على الناخبين، ومسؤولي الحملات الانتخابية أن يعودوا إلى الخطب النارية المتبادلة بين جون ماكين وباراك أوباما ليلة الثلاثاء، بعد انتهاء الانتخابات التمهيدية.

وقد اختار ماكين أن يتحدث في وقت مبكر من الليل، قبل إغلاق صناديق الاقتراع في ساوث داكوتا ومونتانا، ليسبق أوباما. وقرأ مجموعة من الملاحظات غير المترابطة أمام تجمع سيئ التنظيم في مركز بونتشارترين، في كينير بولاية لويزيانا. وفيما يلي رسالة وصلت إلى بريدي الإلكتروني أثناء حديث ماكين من جمهوري معجب به: «كان يمكنهم أن يفعلوا شيئا رائعا هذه الليلة، ويظهروا ثقتهم. ولكن بدلا من ذلك، ظهر الأمر وكأنه سباق رئاسي سيئ: فالخلفية خضراء مثيرة للاحتقار، وكان هناك عدد قليل من الجمهور.. لقد جعلني الأمر أرغب في البكاء».

وسريعا بعد أن انتهى الجمهوريون من ذرف دموع الخيبة، كان الديمقراطيون تفيض أعينهم بدموع الفرح. فقد تحدث أوباما بعد حوالي ساعة في ساحة مجمع رياضي في سانت بول، في مينيسوتا. وكان خطابه مكتوبا بإتقان، كما أنه ألقاه بإتقان. وأنهى خطابه بخاتمة منمقة، متعهدا بأنه «بدءاً من الجيل الحالي، سنستطيع أن ننظر إلى الماضي ونقول لأبنائنا بأن هذه اللحظة هي التي بدأنا فيها توفير الرعاية للمرضى، والوظائف الجيدة للعاطلين؛ وأن هذه هي اللحظة التي يقل فيها ارتفاع المحيطات، ويبدأ فيها شفاء كوكبنا».

كانت هذه الخطبة عظيمة وممتعة، بل ومؤثرة. وبعد ذلك، وفي ضوء ما حدث ذلك اليوم، قد يتوقف المرء ليتساءل: «هل انتخاب أوباما يمثل اللحظة التي يبدأ فيها الأميركان في رعاية المرضى؟» وبينما سيسعى أوباما من أجل إصدار تشريع ينظم انبعاث غازات البيوت الزجاجية. أليست هذه مبالغة من أوباما أن يعد بأن انتخابه سيقلل من ارتفاع المحيطات، بل وسيساعد على «شفاء» الكوكب؟

وفي استحضاره لقوى الشفاء وسيادة البحار، يُحاكي أوباما أمثلة من الإنجيل وسفر التكوين. ويبدو أن تعليقه قبل ذلك بأسبوع في ويسليان، حيث قال إن «خلاصنا الفردي يعتمد على خلاص جماعي»، يتعارض مع الكثير من التعاليم المسيحية. ولكني سأترك أوباما يتعامل مع هذا الأمر مع مرشده الروحي.

وفي أي حال، فبعد أن وضع أوباما معركته ضد هيلاري وراء ظهره، يبدو أن كل شيء يأتيه بسهولة. وفي الوقت نفسه، تتحرك حملة ماكين الانتخابية بصعوبة. إن جميع الجمهوريين الذين تحدثت معهم تقريبا منزعجون لأن حملة ماكين لا تبدو ملائمة بما يكفي من أجل انتخابه. وذكر العديد من مؤيدي ماكين القلقين قرار مسؤولي الحملة بأن خطاب ماكين ليلة الثلاثاء (الماضي) يجب أن يحتوي جزءا كبيرا منه على انتقادات لمقترحات أوباما المتعددة. وكان الهجوم عليها ينتهي بعبارة: «لا يمكننا الوثوق بمثل هذا التغيير». فهل من الحكمة أن تبدأ حملة الانتخابات العامة بالسخرية من شعار منافسك، وبظهورك لتفضح زيف ادعاءاته؟ يعتقد حتى الجمهوريون المتشددون أن رسالة الانتخابات العامة يجب أن تكون أكثر إيجابية من ذلك.

في الحقيقة، ولكي أكون عادلا، كانت هناك رسالة إيجابية ليلة الثلاثاء. وقد كتبت هذه الرسالة بخط جميل خلف ماكين، وهي تقول: «قائد يمكننا الوثوق به». وكان ذلك مناسبا لمجابهة شعار أوباما: «تغيير يمكننا الوثوق به». ورسالة ماكين هي أنه قائد يمكننا الوثوق به، فهو صاحب سجل حافل عبر العديد من السنوات، كما أن شخصيته تعرضت لمحن عديدة. ويبدو ماكين في الأقل يمتلك مقومات رسالته. وعلمت أن ماكين نفسه هو الذي أصر على وضع هذه العبارة في خطابه مساء يوم الثلاثاء. وفي تعليقه على استراتيجية مكافحة الجماعات المسلحة في العراق بداية عام 2007، أشار ماكين إلى أنه «عارض السيناتور أوباما هذه الاستراتيجية.. لكننا رأينا العام الماضي كم كانت ناجحة حيث انخفض العنف إلى أدنى مستوياته في أربعة أعوام.. ولم يكن ذلك النجاح ليتحقق لو لم نغير من استراتيجيتنا منذ أكثر من عام». ومع زيادة تدهور الأوضاع في العراق، قاد ماكين حملة لتغيير الاستراتيجية العسكرية في العراق وزيادة عدد القوات هناك. لكن أوباما وحزبه كانا يناديان بالانسحاب. والآن، وبعد نحو 18 شهرا، يبدو أن ماكين هو الذي كان على صواب. فهل يمكن لماكين أن يجعل المصوتين يقارنون بينه وبين أوباما في اللحظة التي كان على كل منهما أن يقوم باختيار من العيار الثقيل؟ وهل يمكن لماكين أن يجعل المصوتين ينظرون إلى قيادته في اللحظات الحاسمة، وأن يطالبوا أوباما بعمل ذلك؟ نعم إنه يستطيع، لكن ليس من الواضح ما إذا كانت حملته ستساعده على القيام بذلك.

* خدمة «نيويورك تايمز»