طبيعي أن أكون ضعيفا وأنت أيضا

TT

عندي أوراق خاصة جداً لعدد من الأصدقاء من الأدباء والفنانين. ولا أعرف من الذي يجب أن يحمي هذه الأسرار. وهل تبقى سراً أو هل من حق الناس أن يعرفوا؟!

خطابات غرامية لعبد الحليم حفاظ كتبها إلى إحدى السيدات وليست خطابات وإنما بكائيات. والمحب يبكي والعاشق أيضاً. وإذا كان يبكي بحنجرته فكيف لا يبكي بعينيه وكيف لا يؤدي بكاؤه إلى بكاء الآخرين. وهي حالات من الضعف.. والله يقول: خلق الإنسان ضعيفاً. فليس منا من لم يضعف ومن لم يبك على حاله. ويبكي وحده ويجفف دموعه بدون أن يراه أحد. فإذا كتب إلى المحبوبة جاءت كلماته القليلة دموعاً جافة.. وهي قليلة لأنه لا يريد أن يبدو ضعيفاً بعض الشيء وبعض الوقت.. وعندي أوراق للملكة فريدة .. أوراقها الباكية بالفرنسية وهي تقارن بين حالها وبطلات في روايات عالمية. وفي نفس الوقت لا تريد أن تقول: أنا.. وعندي 22 رسالة دامعة أو غارقة في الدموع فكرامتها وكبرياؤها يمنعها أن تفصح أو تشرح..وعندي رسائل لم انشرها لأستاذنا عباس العقاد. بعضها يوجع القلب: كيف أن رجلاً عظيماً ذليل كسير إلى هذه الدرجة. وكيف أنه لم يجد حرجاً في أن يبدو كذلك وفي أن يعطي هذه الرسائل وأن يتركها أمانة عندي!

وقبل موت الأستاذ الكبير محمد التابعي أخرج من تحت المخدة صوراً جميلة لجميلات أحبهن ورسائل لهن ورسائل له.. ولم يقل شيئاً لا قال انشرها ولا قال احتفظ بها وإنما ترك الأمر كله لي. ونشرت بعضها صوراً ورسائل موجعة..

ورسائل للمطربة المصرية الإيطالية الفرنسية داليدا. وهناك بقع في رسائلها هي قطرات من عطرها. لم تسقط على خديها ولا هي دموع وعطر معاً. وإنما تعمدت أن يختلط العطر والدموع على ورق وردي. وفهمت المعنى ألف معنى وألف دمعة وقطرة. يرحمها الله, عاشت كما ماتت: معذبة اتسعت الدنيا لفنها وضاقت بحياتها. فبقدر ما كان نصيبها ضخماً في قلوب الناس كان ضئيلاً في قلب آخر حتى اختارت الموت فأوجعتني وملايين غيري.