ابن «ف ض ل ا ن» لرابع مرة

TT

شيء غريب من أربع سنوات كتبت مقالا عن فيلم رأيته في باريس اسمه «المقاتل 13» وهو مأخوذ عن رحلة ابن فضلان المبعوث من الخليفة المقتدر إلى ملك البلغار.. وظهر فــي صحيفة «الأهرام» ابن فعيلان..

وكتبت مقالا آخر لتصويب هذا الاسم فظهر الاسم هكذا ابن يقظان وأدهشني ذلك. فقررت أن أعرف لماذا. ولكي تتصور ماذا حدث أقول لك سير العمل: أنا أكتب المقال بيدي وأعطيه للسكرتير يعيده بالآلة الكاتبة. لكي أقرأ.

وأصحح ما به من أخطاء. وأعيده إليه. فيكتبه مرة أخرى بالآلة الكاتبة. وأقرؤه وأوافق عليه. ويذهب المقال إلى واحد يكتبه على الكومبيوتر وأنا وبختي. والأخطاء التي تقع مع السرعة والإرهاق تظهر حسب الحالة النفسية والجسمية لهذا العامل الآخر. وظهر اسم ابن فضلان: ابن عثمان. ولك أن تندهش كيف يتخذ اسم واحد هذه الصورة المتعددة ولماذا؟

سألت وحاولت أن أفهم. قال بعض الباحثين إن وزن الاسم في أذن المتلقي واختلاط الاسم والوزن مع أسماء أخرى تطفو على ذاكرة العامل والسكرتير أو الكاتب نفسه. ومن هذه الحالات النفسية والسمعية يتخذ الاسم أي شكل يريح الذاكرة.

وحاولت وكان ذلك عبثاً وإنما أردت أن أعرف. كما كتب اسم ابن فضلان هكذا: ابن دحلان وهو أحد وزراء فلسطين وهو صديقي.

وسألت أهل الذكر في علم النفس أو علم الممارسات الفكرية الآلية فقيل كلام كثير والخلاصة: أن الذي يحكم ويتحكم هو الحالة النفسية المصاحبة لنا. فقد تكون عملية النقل من خط اليد إلى الآلة الكاتبة إلى الكومبيوتر فعلا آليا لا فكر فيه.. أي أن العامل يرى شكل الكلمات والحروف التي تتداعى مع أشكال أخرى، فليس عملا عقليا بحتا.. وإنما هو عمل آلي تماماً كسائقي اللوريات والتاكسيات الذين يقودون سياراتهم وهم نيام ويتفادون السيارات الأخرى ويقفون عند علامات المرور وهم نيام أو شبه نيام.. والله أعلم وأرحم!