عسكر وديموقراطية

TT

من الخمسينات الى السبعينات كان هذا العالم البائس يشكو من نشر الأنظمة العسكرية حول العالم والغاء الحريات و«إبادة» الأنظمة الديموقراطية القائمة، بدرجات متفاوتة. وكانت الأنظمة العسكرية تصنع وتطبع وتوزع من أميركا. وعندما أرادت أميركا فرض الديموقراطية في اليابان بعد الحرب ارسلت ماكارثر، أكثر جنرالاتها عجرفة. وفي أي حال أصبح العالم خلال ثلث قرن مزروعاً بالجنرالات والعقداء والرتباء.

تنازع الاتحاد السوفياتي واميركا حول كل شيء، إلا العسكر. فرانكو في اسبانيا، جارولزسكي في بولندا. راوول كاسترو في كوبا، بينوشيه في الشيلي. وقبل ان تنتهي هذه المرحلة فقط بفعل حتميات العمر لا حتميات التاريخ، كانت اميركا قد خرجت على العالم بحملة الديموقراطية.

الغريب في هذه الديموقراطية القادمة مع المارينز ورجال المظلات انها آتية من أكبر دولة «عسكرية» في العالم، عبر التاريخ. قرأت محاضرة القاها السفير تشاس و.فريمان امام لجنة الابحاث في الكونغرس يقول فيها ان بلاده تعلن ان موازنتها العسكرية (2006) هي 441.5 مليار دولار، أي اكثر من 192 دولة عضو في الأمم المتحدة، أما الرقم الحقيقي فهو 720 مليار دولار، تُقيّد على وزارات اخرى مثل وزارة الطاقة.

رسم السفير فريمان صورة قاتمة جداً أمام السادة الذين يقترعون على الموازنات الاسطورية: الفخ الاستراتيجي في العراق يتوسع نحو حرب أكبر. كوريا الشمالية تذكرنا دائماً بما تملك من صواريخ وقنابل نووية. حماس التي لم تقم بعملية ضد الأميركيين وحزب الله الذي لم يقم أيضاً بعملية منذ عقود يبدو انهما يستعدان لعمل ما للرد على محاولاتنا قمعهما. طالبان بدأت تستعيد قواها فيما حصدت افغانستان اكبر موسم مخدرات في التاريخ. فنزويلا تحل محل كوبا في جنوب الكرة الغربي مع فارق مهم، هو انها تملك المال والنفط لشراء الحلفاء، الصين تصعد والدولار يهبط!

جميع الاستفتاءات في الخارج، يقول فريمان، تؤكد ان الناس يقفون ضدنا بأعداد متزايدة. والكثيرون من حلفائنا السابقين يعتقدون اننا تخلينا عن القيم التي كنا نتحلى بها: «لقد قل المعجبون بنا وتكاثر عدد اعدائنا». يأتي ذلك في زمن أصبح العالم اكثر اضطراباً من أيام الحرب الباردة وأقل شفافية مما كان من قبل.