هل أوباما محتال سياسي؟

TT

حتى الإسرائيليون أنفسهم غير قادرين على تصديق المرشح الرئاسي الاميركي الديموقراطي الافريقي الاصل باراك حسين اوباما في وعوده وحبه لهم. الكاتب الإسرائيلي اوري افنيري عنون مقاله بـ«لا يمكن»، ملخصها انه لا يصدق ان اوباما يعني ما تحدث به. اوفير بينس باز، وهو برلماني عمالي اسرائيلي، كتب في «معاريف» تحت عنوان، «أحترمه وأشتبه به». صاروا يشتبهون فيه لأنه قال لهم اكثر مما تمنوا سماعه.

لايزال خطابه يتردد صداه في الولايات المتحدة، الذي ألقاه في مقر اللوبي الاسرائيلي حيث شهدت تلك الليلة اكبر حشد سياسي عرفه في تاريخه، كلهم جاءوا لمشاهدة هذا الشاب الكارزماتي المثير للاعجاب والخوف معا.

لماذا أفرط اوباما في العهود والكلام المعسول لاسرائيل، بما لم يقله اي من الرؤساء السابقين؟

اجزم بأن اسماعيل هنية زعيم حماس الفلسطينية نفسه لو دخل الانتخابات الاميركية لفعل ما فعله أوباما. فلا يتجرأ طامح للرئاسة على اهمال الناخب اليهودي المهم في الانتخابات، خاصة في الولايات الحاسمة، ولا رفض الاموال الضرورية للنجاح الدعائي. لا نستطيع ان نلوم اوباما لو ساند الموقف الاميركي، وان كنا محقين في استغرابنا وصدمتنا منه. ومخطئ من يلومه لان اباه اسمه حسين، وجاء من جذور افريقية، وبالتالي يريده ان يكون ضد اسرائيل. وكما قلت، مهما جاء مرشحا، حتى لو كان هنية، لزار ايباك ووعد بدعم اسرائيل وضمان أمنها ونقل السفارة الاميركية الى القدس وغيرها من الوعود التي تتكرر كل اربعة اعوام ولا تنفذ كلها.

هناك وعود مضطر اي رئيس اميركي ان يلتزم بها مثل أمن اسرائيل، لانه جزء من أمن الولايات المتحدة، وقد خدمتها اسرائيل زمن الصراع مع السوفييت اكثر من اي بلد اوسطي آخر. وتعتبر اميركا اسرائيل عصاها الغليظة، تستخدمها اليوم عند الحاجة، خدمة لا تؤديها أي من الدول العربية الصديقة. أما الثمن فرخيص نسبيا، فقد اضاعت في العراق من الاموال، في خمس سنوات بلا طائل، اكثر مما انفقته على اسرائيل في ستين عاما. هذه وجهة النظر التي لا تبدو واضحة للجانب العربي.

وقد يرى البعض ان باراك قدم نفسه صاحب مبدأ فلماذا يمالئ فريقا ضد آخر، خاصة أنه الظالم والمحتل؟ الاجابة تتطلب فهم طبيعة النظام السياسي والدافع الشخصي معا، اكثر من مجرد إلقاء اللوم. اوباما لا يمثل نفسه الآن، بل هو مسؤول عن المرشحين الديموقراطيين في الانتخابات النيابية العامة وعلى مستوى الولايات وحكام الولايات. فهو لن يخسر وحده، بل قد يجر خلفه كل السفينة الديموقراطية الى الغرق، من اجل ماذا.. ارضاء العرب؟ هم انفسهم غير قادرين على ارضاء بعضهم، ويخجلون من الجلوس الى طاولة المفاوضات إلا سرا.

[email protected]