هل نقول وداعا لنظام الكفيل؟

TT

نظام «الكفيل» المطبق في السعودية على العمالة الوافدة أصبح وجع رأس لكل أطرافه: العامل، والكفيل، ووزارة العمل، وجمعية حقوق الإنسان السعودية وحتى المحاكم الشرعية، وقد نشأ ما عرف بنظام الكفيل هذا بالتزامن مع نمو الحاجة في السعودية إلى استقدام الكثير من الأيدي العاملة، ويتحمل فيه الكفيل الذي يستقدم العمالة مسؤوليتها، فيتكفل بمرتباتها، وسكنها، واستخراج وثائق إقامتها ومغادرتها، وغير ذلك من الالتزامات.. ويواجه هذا التنظيم في الوقت الحاضر الكثير من المشكلات والانتقادات، وكان لا بد من البحث عن تنظيم بديل لتلافي السلبيات التي سببها هذا النظام، الذي لم يعد يتواءم مع متغيرات العصر، ولا مع التطبيقات المقارنة في الدول الأخرى..

في عدد السبت الماضي أشارت صحيفة «الوطن» السعودية إلى حدوث تضارب بين وزارة العمل، والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان، بشأن بدائل نظام الكفالة في السعودية، فلكل من وزارة العمل والجمعية مشروعها البديل، فوزارة العمل ترى ضرورة إحلال مؤسسات وشركات مستقلة محل الكفالة الفردية، بينما يقضي مشروع الجمعية الوطنية لحقوق الإنسان بأن تحل الدولة محل رب العمل.. ولست أدري لماذا تتعامل وزارة العمل وجمعية حقوق الإنسان في هذه المسألة بمنهج من يريد أن يخترع العجلة من جديد، فثمة تجارب إقليمية ودولية كثيرة لها مشروعاتها الناجحة في تنظيم العمالة يمكننا أن نستفيد منها وتكييفها بما يكفل حقوق العامل وجهة العمل، فنحن في زمن تبادل الخبرات والاستفادة من تجارب الآخرين..

ومهما يكن أمر الاختلاف بين وزارة العمل والجمعية الوطنية لحقوق الإنسان فإن مجرد تحريك هذا الملف الشائك أمر يدعو للتفاؤل باستشعارنا لضرورة تغيير نظام الكفيل، الذي يشكو منه الجميع، ويتسبب في الكثير من حالات الهروب التي تتحول فيها العمالة النظامية إلى عمالة مخالفة، كما يتسبب في الكثير من المنازعات التي تنشغل بها المحاكم بمختلف مستوياتها..

كل دول العالم التي لديها مشروعات تنموية تحتاج إلى استقدام الأيدي العاملة من خارج حدودها، وللكثير من هذه الدول تنظيماتها الناجحة والدقيقة والمجربة في التعامل مع العمالة الوافدة، ولا أعتقد أنها تعاني مثلما نعاني من نظام الكفيل، الذي أثبت أنه في حاجة إلى تغيير جذري بنظام أفضل وأمثل وأكثر تلبية لحاجات العامل وصاحب العمل.. فلعلنا نقول وداعا لنظام الكفيل.

[email protected]