أسئلة افتراضية

TT

قد يأتي مؤرخون بعد سنوات طويلة ليطرحوا اسئلة من نوع لو، أو إذا لم تحدث هجمات 11 سبتمبر أو فشل منفذوها لسبب أو آخر في خطتهم كما حدث في مخططات ارهابية كثيرة، أو إذا كان قد امكن تفادي حرب العراق الاخيرة في اللحظات الاخيرة لسبب أو آخر، كيف كان سيكون شكل منطقة الشرق الأوسط والعالم؟!

هذه اسئلة افتراضية لن تغير شيئا، وحتى إذا طرحت مستقبلا من قبل مؤرخين فانها قد تأتي في اطار محاولة فهم واستنتاج ما حدث، وماذا إذا كان هناك مسار آخر يمكن أخذه، أو ان المعطيات كلها كانت تقود الى نفس الطريق؟!

وهي اسئلة تتعلق اساسا بفترة رئاسة الرئيس جورج بوش للولايات المتحدة القوى العظمى الاكبر في اواخر القرن العشرين والجزء الاول من القرن الواحد والعشرين حتى يظهر منافسون جدد، فهو رئيس فترة حرب وان كانت قد اخذت شكلا غير تقليدي، وواجه في رئاسته في الجزء الاول منها هجمات 11 سبتمبر التي كان رد الفعل تجاهها هو العامل الاول في السياسة الخارجية الأميركية منذ ذلك الوقت حتى الان.

وهو نفسه في عدة تصريحات اخيرة يعلق مصيرعهده على حكم التاريخ مع تزايد الانتقادات داخليا وخارجيا، وحتى من مساعدين عملوا بالقرب من الدائرة المركزية لصناعة القرار في البيت الابيض حول قرارات وسياسات اتخذت خلال فترتي رئاسته خاصة.

فقد كانت ومازالت منطقة الشرق الأوسط متداخلة بشدة في اجندة السياسة الخارجية الأميركية بعد هجمات 11 سبتمبر، وكان العراق ولايزال العنصر الاساسي في عملية التداخل هذه مع استمرار حالة عدم الاستقرار الامني هناك، كما انه اصبح ساحة الاشتباك بين قوى اقليمية اخرى والولايات المتحدة خاصة ايران التي تخوض صراعا مع واشنطن حول ملفها النووي.

ويمكن طرح سؤال افتراضي من نوع هل كان يمكن تفادي الحرب في 2003 التي غيرت بشكل أو آخر شكل المنطقة واتجاهها خاصة انه كانت هناك جهود حثيثة حتى اللحظات الاخيرة من اجل نزع الفتيل بينها المحاولة الاماراتية لاقناع صدام حسين بالرحيل، وان كان هذا سيناريو لو كان قد حدث كان سيثير الدهشة بحكم تاريخ وعقلية الرجل.

لابد ان تكون الاجابة بنعم.. لكن تفاديها ايضا مسؤولية مشتركة تتحمل المنطقة جزءا ليس صغيرا منها، كما ان التطرف والارهاب جزء ليس صغيرا من مكوناته محلي الصنع أكثر منها مظالم مع العالم الخارجي تدفع الناس الى هذا الطريق.

ويمكن ان نجادل من هنا حتى القرن الـ 22 حول استراتيجيات القوى الخارجية، ومؤامرات الهيمنة، ومصالح القوى العظمى، لكن في المقابل علينا ان نأخذ في الاعتبار ان صراع او تلاقي المصالح هو حال العالم منذ بدء تدوين التاريخ، وكما ان هناك استراتيجيات خارجية فانه يمكن ان تكون هناك استراتيجيات داخلية تقابلها او تواجهها او تكيفها او حتى تغير اتجاهها كما تفعل بقية دول ومناطق العالم. وفي حالة عراق ما قبل الحرب كانت هناك حالة طويلة من دفن الرؤوس في الرمال في المنطقة، والاستعانة بالشعارات بدلا من الحقائق ازاء ما كان يبدو انه مسار يتجه الى مواجهة ساخنة. اميركيا فان الاسئلة الافتراضية التي يمكن ان تطرح هناك لابد انها ستتركز على ماذا لو لم يتم حل الجيش واجهزة الدولة تماما بعد الحرب؟!