الإمارات.. واعتصام المعلمين

TT

لافت للنظر الاعتصام الذي قام به معلمون إماراتيون، احتجاجا على ما اعتبروه إبعادا من وظائفهم كمعلمين، بحجة «توجهاتهم الفكرية»، حيث يقولون إن الوزارة حولتهم من وظائفهم الأساسية إلى وزارات أخرى.

لو أن إبعاد المعلمين قد تم باقصائهم من وظائفهم وإقعادهم ببيوتهم، لكان من الممكن التعاطف معهم، والتنديد بما تم بحقهم، لكن طالما انه تم إلحاقهم بوظائف أخرى فما الضير بذلك؟

قضية المعلمين والمعلمات في عالمنا العربي أعقد من كونها وظيفة. وهي أمر مسكوت عنه في جل مؤسساتنا التعليمية، حيث لم تواجه بالشكل المطلوب، ولا غرابة في أننا نعاني من مستوى تعليمي ضعيف.

السؤال: هل التعليم ناد خاص يحق لكل عامل فيه ترويج أفكاره، وقناعاته، أم أن التعليم عملية علمية تخضع لمعايير ومناهج مدروسة تم إقرارها من جهات مؤهلة من أجل الحصول على جيل منتج واع؟

هل أبناؤنا وبناتنا حقول تجارب، أو أرض معركة لكل من يريد ترسيخ قناعاته وتوجهاته، أيا كانت، إسلامية حركية أو غيرها ؟ كثير الذي قيل في حق التعليم والمعلمين، وقليل من المواجهة تم حيال ذلك، والدليل أنه مع كل حفل تخرج للطلاب تزداد لدينا أرقام البطالة.

تأهيل المعلم، والمعلمة، أهم من تأهيل الطلاب والطالبات، والشروط التي ينبغي وضعها للقطاع التعليمي يجب أن تكون أكثر صرامة على المعلمين من طلابهم. قصص كثيرة في عالمنا العربي تعكس حال شريحة لا يستهان بها من المعلمين والمعلمات على مستوى التأهيل، والأفكار، لكنها تمر مرور الكرام.

شغلنا الشاغل يجب أن يكون في تطوير المعلم والمعلمة، وتوفير كل وسائل الارتقاء بعلمهم، ومعرفتهم، وحياتهم، وسلامتهم الفكرية والسلوكية، فهم مؤتمنون على فلذات أكبادنا، ومؤتمنون على مستقبلنا.

قبل مدة دار بيني وبين الكاتب الأميركي توماس فريدمان حديث حول التعليم وأهميته، وكانت فكرتي تتلخص في أن أميركا تصرف على السلاح والحروب بمنطقتنا مبالغ طائلة لو صرفت 10% منها على التعليم في العالم العربي لأحدثت فرقا، وهذا موضوع آخر.

يومها قال لي فريدمان معلقا «هناك دول تدخل في صراع فكري مع مجتمعها أو حكومتها من أجل أن تتقدم، ودول تدخل في تنافس مع دول أخرى من أجل التقدم، بينما الدول المتقدمة تدخل في صراع مع خيالها من أجل التقدم».

ونريد أن نكون من الدول التي تصارع خيالها من أجل التقدم، هل يمكن فعل ذلك عندما يكون التعليم منطقة صراع آيديولوجي؟ وهل فصولنا، بكل مراحلها، أرض خصبة للتفكير والإبداع ؟ هذا هو السؤال!

وأجد نفسي مضطرا لتكرار تساؤل طرحته في 4 يوليو 2006 وهو: لماذا تذكروننا ومنذ كنا صغارا ببيت أحمد شوقي:

قم للمعلم ووفِّه التبجيلا

كاد المعلم أن يكون رسولا

بينما تتجاهلون أبيات القصيدة نفسها التي تقول:

وإذا المعلم ساء لحظة بصيرة

جاءت على يده البصائر حولا

وإذا أتى الإرشاد من سبب الهوى

ومن الغرور فسمه التضليلا

[email protected]