إيران زعيمة الحركات السنية

TT

من المفارقات أن النظام الايراني، وهو ديني شيعي متطرف بوجود احمدي نجاد على رأسه، صار يدير ويمول نشاطات المتطرفين السنة في المنطقة.

المفارقة صارخة في حال تنظيم القاعدة، اكثر التنظيمات السنية تطرفا. فقد التحق، وكلمة الالتحاق بمعناها الحقيقي، بالجهاز الايراني. التحالف بين العدوين بدأ في اعقاب هزيمة القاعدة، وفرارها من افغانستان، ومطاردتها في كل الدول السنية. وكان اول فوج للقاعدة اتجه الى ايران برئاسة المصري سيف العدل ومعه بضعة من شباب التنظيم، بمن فيهم سعد، ابن اسامة بن لادن، وذلك فور سقوط نظام طالبان. ولا أدري ان كان دخول الفريق الاول جاء عن طريق الخطأ، بعد ان هام افراده في المناطق الجبلية الحدودية الباكستانية الايرانية، أم انه كان ثمرة اتصالات، استضاف الايرانيون بعدها الشباب الهارب. كنا في حيرة من الإشاعات التي قالت إن ايران اعتقلت ثلة من القاعدة هاربة دخلت حدودها، ليثبت لاحقا ان القصة اكثر تورطا من ذلك. فقد عثر المحققون في الانفجار الذي نفذته القاعدة في العاصمة السعودية، على دلائل تشير الى ان العملية جاءت من ايران، والمنفذين من القاعدة. ايران؟ تأكد ذلك بعد ان سمعت تسجيلات هاتفية فضائية بين سيف العدل وقائد المجموعة السعودي، وكانت احداثيات الاتصال واضحة، المكان ايران. والمفاجأة للمعنيين ان ايران لم تنف ذلك، بل اعترفت سريعا بان لديها أفرادا من القاعدة في سجن ما، وبررت ما حدث بان «الضيوف» ربما خرقوا قواعد الضيافة. تبرير بليد لكنه قد يكون مقصودا، ربما ارادت ايران ان تعلن لمن يهمه الأمر انها اصبحت تملك القاعدة. ويبدو خلال السنوات الاربع الماضية ان العدد كبر، واتخذ التنظيم ايران مقرا له. ويقال إن ايمن الظواهري، القائد الفعلي للقاعدة، هو الآخر بات في ضيافتها، بدليل كثرة خطبه وبياناته المصورة المرتاحة جدا، وخلافه العلني المشهور عندما انتقد وكيل القاعدة في العراق الزرقاوي لانه حرض وهاجم الشيعة.

القاعدة، كأي تنظيم سني متطرف، تعتبر الشيعة، وغيرها من الفرق الاسلامية الأخرى خارج إطار السنة والجماعة، كافرة ويجب قتالها. لا أود ان استطرد في تقديم الدليل على براغماتية ايران، وهي ذات النظام الديني الشيعي المتطرف الذي يكفر اتباعه السنة ايضا ويستحل دماءهم، كما فعل اتباعها من مذابح وتهجير لا سابق له في تاريخ العراق. المهم في الرواية ان ايران اليوم تريد الوصول الى مبتغاها بغض النظر عن طبيعة السلاح المستخدم. لهذا صارت تقوم بتمويل ورعاية كل الجماعات السنية المتطرفة مثل حماس الفلسطينية، والجهاد الاسلامي الفلسطينية، وعدد من الجماعات السنية المتطرفة في شمال لبنان وشمال افريقيا، وقيل حديثا إنها أيضا وراء دعم حركة العدل والمساواة السودانية التي حاولت تنفيذ انقلاب ضد نظام البشير، وهو أمر أشك في صحته حتى الآن.

بكل اسف في السياسة اليوم يستخدم التطرف الشيعي والسني، وهو خلاف في أصله مقبول في اطاره الفكري. وانا واثق انه خلاف مفتعل، ولا استبعد ان النزاع سينشب مستقبلا بين ايران وشيعة العراق، لأن طهران تريد الهيمنة على العراق وستصطدم بالقوة الاكبر في البلاد. على المراهنين على الطائفية السياسية ان يفكروا كثيرا قبل ان تصدمهم حقائق الانتهازية السياسية.

[email protected]