الكلبوزه

TT

للجمال أحكام.

والمرأة هي سيدة الجمال وأحكامه كذلك.

وألاّ دلوني على المرأة التي لم تتأمل وجهها يوماً بالمرآة، وقبل اكتشاف تلك الوسيلة السحرية، كانت هي قطعاً تتأمل وجهها على صفحة الماء.

ومن حسنات الدنيا أن المرأة تتزين، وإذا كانت هناك امرأة لا تتزين فمن المشكوك فيه إنها من صنف النساء. ولو أن الدنيا كانت بدون المرأة وزينتها، لكانت مسخاً وصورة شوهاء عرجاء لقيطة.

لا أدري بماذا كانت تتزين أمنا حواء، ولكنني أدري أن بناتها وحفيداتها يتزينَ إلى يوم يبعثون، ولم ولن يتعبن أو يمللن، أو يتوقفن عن ضخ السكر والحلاوة في شرايين وأوردة الحياة.

وشغف المرأة بأن تكون لافتة للأنظار ليس مقتصراً على سن معينة أو مرتبة اجتماعية معينة، فالطفلة الصغيرة التي تلطخ وجهها خلسة (بماكياج) أمها، وتتعثر بلبسها لحذائها ذي الكعب العالي، لا تختلف كثيراً عن العجوز التي أصبحت على حافة القبر، ومع ذلك تريد أن يكون غطاء رأسها أنيقاً، وتتمنى لو أن الزمان عاد بها إلى الوراء.

غير أن قيم الجمال ومفاهيمه تختلف بين الشعوب والبيئات، فالمرأة في الاسكيمو مثلا لها أساليبها وقناعاتها التي تختلف عن المرأة في أدغال أفريقيا، والمرأة في الصحراء غير المرأة في المدن، وهكذا دواليك.

ولكن تظل المرأة هي المرأة.. إنها هي (الداء والدواء) الذي لا مهرب منه ولا غنى عنه.

وها هي المرأة البدوية قبل أكثر من ألف عام تقصد وتقول مفتخرة بجمالها: «حسن الحضارة مجلوب بتطرية / وفي البداوة حسن غير مجلوب».. ولكنه في النهاية (حسن X حسن) ـ ولا مانع عندي شخصياً أن اظفر بالاثنين معاً ـ.

وبينما كنت أتصفح كتابا تراثيا قديما مطبوعا، وجدت وصفات جمالية منذ مئات الأعوام للمرأة الإسلامية إذا أرادت أن تحسن مظهرها، وبعض هذه الوصفات أقدمها هدية مجانية لكل امرأة تقرأ كلامي هذا، وأتمنى أن تجربها، ومنها مثلا وصفة خاصة بتنعيم البشرة، جاء فيها:

احضري مادة دهنية، ثم أضيفي لها مقداراً من مسحوق الملح والشب ممزوجاً بالماء، ضعي هذا المخلوط على النار حتى تزول رائحة الدهن ويتحول إلى عجينة، ثم أضيفي قليلا من الماء والأزهار واتركيه على النار حتى تمتزج رائحة الأزهار بالعجينة، وبعدها ادهني به جميع أجزاء وجهك.

وإذا أردت أن تحسني رائحة أنفاسك، فعليك (بسعوط الأشنان).

وإذا أردت تبييض أسنانك، فعليك أن تأتي بملح وسكر وفحم بمقادير متساوية، ثم ادعكي بها أسنانك وإذا أردت أن ترجلي شعرك، فأجمل ما يكون عليه أن تضفريه بين إحدى عشرة ضفيرة وخمس وعشرين ضفيرة ـ بشرط أن يكون العدد فردياً ـ مع إضافة ثلاثة خيوط من حرير اسود إلى كل جديلة، معلق في نهايتها قطعة ذهبية صغيرة.

والنساء في ذلك الوقت اقبلن على السمنة حتى ينلن إعجاب الرجل، وقد شن الفقيه الشهير (ابن الحاج) هجوماً عنيفاً عليهن، لأنهن يتبعن أساليب غير شرعية في زيادة وزنهن، وبعضهن كن يفطرن رمضان خوفاً من النحافة.

واختم هذه المقالة النسائية المغرية، بتوضيح على لسان ممثلة معاصرة مشهورة جاء فيه: بيقولوا عني أنني تخينة، والواقع إنني لست بتخينة، أنا فقط (كلبوزه).

تقبرني كلبزتها.

[email protected]