أزمات كونية بين مسؤولين

TT

ثمة أشياء (ما أكثرها) لا أعرفها، ولا اعتقد ان إنسانا عاديا مثلي يعرفها أكثر مني. وعلى سبيل المثال جميعنا نعرف ان هناك أزمة حديد واسمنت وقمح وصويا وبن والمينيوم وفوسفات وأسمدة وبيض ودجاج. وأعرف، او افترض، ان المسؤول عن هذه الأزمات هو وصول 400 مليون صيني و400 مليون هندي الى عداد الطبقة الوسطى. وتطور مستوى المعيشة في البلاد الشيوعية السابقة وازدياد عدد الاثرياء فيها. وقد ازدادت معدلات الاستهلاك ونسبة العمران والانشاءات في البلدان القائمة اصلا على ثقافة الاستهلاك وصرف 25 مليار دولار في السنة على طعام الهررة والكلاب.

هذه الاعداد من البشر ازداد ايضا استهلاكها من النفط ومصادر الطاقة، ومنها الآن القمح والذرة وغابات الامازون. وفي هذه الحال لا ندري من هو المسؤول عن ارتفاع سعر النفط الى هذه المستويات التي كانت تبدو خيالية او مستحيلة قبل سنوات. وارتفاع النفط لا يؤدي الى تظاهرات وقتلى ومجاعات مثل نقصان القمح. لكنه يؤدي بالتأكيد الى التذمر كما ادى غلاء القمح في بعض البلدان العربية، التي تبحث الآن عن امتداد امنها الغذائي في استصلاح بعض اراضي السودان. اذن، ليست هناك اسباب سياسية او ارادية، في أي من الازمات القائمة. ولا يستطيع احد تحديد المسؤولية، أي هل سببها المنتج ام المستهلك. ولذلك دعت السعودية الى قمة جدة في 22 الجاري. ليس من اجل تحديد المسؤولية في غلاء النفط بل من اجل البحث عن الحل في مسعى مشترك بين كبار المنتجين وكبار المستهلكين. ولا ينفع المنتجون كثيرا ان يرتفع دخلهم النفطي ثم يكتشفون انهم يصرفون جل الارباح الاضافية على الضروريات الاخرى، من القمح والارز الى الحديد والاسمنت.

تتحمل الدول المنتجة، مع سواها انخفاض القيمة الشرائية للدولار حوالي 75% في السنوات الاخيرة. وقد امتنعت دول مجلس التعاون عن الخروج من الدولار الضعيف الى اليورو القوي لكي لا تزيد في حدة الازمة العالمية وتضرر العالم من صعود اليورو وانخفاض الدولار. بل ها هي السعودية تطلق المبادرة الثالثة في اتجاه العالم اجمع، او ما سماه الملك عبد الله بالانسانية جمعاء. الاولى كانت المشاركة العالمية في محاربة الارهاب. والثانية دعوة اديان العالم الى الحوار. والآن المشاركة بين المستفيد والمتضرر من غلاء النفط في الوصول الى حل عادل.