.. فالله خير حافظاً!

TT

كنا في الريف نتداوى بالقرآن. بأن يجيء رجل طيب ويكتب آية أو آيتين على الجبين.. ويكون ذلك شفاء للصداع أو للحرارة أو بأن نضع ورقة في جيوبنا كتب عليها آية من القرآن. وكنت أرى أبي يفعل ذلك. يملأ جيوبه كل يوم بقصاصات من ورق أبيض.. ولم أر إلا مرة أو مرتين من يبتلع هذه الورقة.

وفي لهجتنا العامية نقول على سبيل الاستخفاف: لماذا لم يضع الورق في الماء ثم يشرب الماء. ولا نقصد بذلك الورقة التي عليها آية من القرآن وإنما أي ورق آخر.

وقد حدث أن أرسل البابا سنة 1370 وفداً بابوياً لشلح أو خلع أحد الكرادلة. فما كان من الكاردينال إلا أن أمر بحبسهم وإرغامهم على ابتلاع الفرمان البابوي ـ وكان الفرمان مكتوباً على لفائف من الجلد!ـ ويقال أن الإمبراطور منليك الثاني ملك الحبشة كان يتداوي بآيات من التوراة. فكان يبتلع الآيات ثم يبتلع الصفحات. وفي إحدى المرات اشتد عليه الألم فابتلع سفر الملوك الأول المكون من 203 صفحات. ولم تتحسن صحته فابتلع سفر الملوك الثاني وهو من 453 صفحة. وكان مطبوعاً في مصر على ورق رديء وحبر غليظ. ومات الإمبراطور سنة 1913. وتغيرت عادة المداواة بآيات مكتوبة على الورق بآيات منقوشة على الذهب. وراح كثيرون يعلقونها في أعناقهم . أنا أضع آية ورثتها عن والدي وهي قوله تعالى: «ونجيناه من الغم وكذلك ننجي المؤمنين»..

ويقال إن أحمد شوقي أمير الشعراء كان من أشد الناس إيماناً بهذه المعلقات القرآنية ففي إحدى رحلاته نسي هذه السلسلة الذهبية التي اعتاد أن يعلقها في رقبته. فما كان منه إلا أن عاد إلى بيته تاركاً حقائبه في السفينة المتجهة إلى فرنسا.. ويقال إن الآية المكتوب عليها هي: «فالله خير حافظاً وهو أرحم الراحمين»..