حماس.. هدنة أم حيلة؟

TT

بشرت قيادات حماس الفلسطينيين، وتحديداً أهل غزة بنهاية سعيدة مع الإسرائيليين، وهي الهدنة لمدة ستة أشهر بين الحركة وإسرائيل. وسعادة قيادات حماس بالهدنة واضحة، وكأنهم أنجزوا إعلان الدولة الفلسطينية، بينما الأمر كله متعلق بهدنة قد لا تصمد.

جاءت هذه الهدنة بعد نصائح وتحذيرات طويلة لقيادات حماس بأن ما تفعله بالقضية والفلسطينيين يعد عبثا لا طائل منه، فالجميع يعرف أن الصواريخ «التنك» لن تقود إلى حلول. كما أن تحويل معاناة الفلسطينيين إلى «كارت» تلعب به أطراف خارجية أمر لا يجوز.

خالد مشعل قائد حماس يقول: «إن قيام هدنة دائمة سيكون مفيداً لمليون ونصف مليون فلسطيني تضرروا من الحصار الإسرائيلي. وسيكون مبعث ارتياح لإسرائيل إذا التزمت به أيضا». ولا يملك المتابع إلا أن يسأل مشعل: ومن الذي ضرب بالوحدة الفلسطينية عرض الحائط، وعرض أهل غزة لكل هذه الجرائم والذل، وحولهم لعبة بأيدي الإيرانيين والسوريين غيركم؟!

إسرائيل معنية بالتهدئة، ولن تخسر شيئاً منها، إلا أن السؤال هنا: هل ما وصلت إليه حماس مع إسرائيل يعد هدنة أم حيلة جديدة من حيل حماس التي سعت إلى كثير من الحوارات والاتفاقيات؟، واتضح فيما بعد أنها لا تكترث بمعاناة الفلسطينيين بقدر ما أنها تريد تحقيق مكاسب خاصة بالحركة؟

حماس تريد ضرب عصافير بحجر. مشعل ورفاقه يريدون تحسين علاقتهم مع المصريين بعد أزمة المعابر، وتخفيف التململ في قيادات الصف الثاني من حماس نتيجة تردي الأوضاع في غزة بعد الانقلاب على السلطة.

وتفعل حماس ذلك تماشياً مع التهدئة التي لجأت إليها إيران أخيراً لشراء بعض الوقت بسبب الضغوط الدولية عليها، والصعوبات التي باتت تواجه طهران في العراق، وانتظار الإيرانيين وضوح الصورة حول انتخابات الرئاسة الأميركية.

وهناك المسار السوري ـ الإسرائيلي، إذ سبق للإسرائيليين أن أعلنوا أن على دمشق أن تتوقف عن دعم حماس. وإذا ما أراد السوريون استمرار تفاوضهم مع تل أبيب، وضمان انفتاحهم على فرنسا، وحضور القمة المتوسطية، فلابد من هدوء حماس.

وبالطبع، فإن هناك قلقا ينتاب حماس من المفاوضات السورية ـ الإسرائيلية، والمعلومات تشير إلى أن حماس تبحث عن فتح مكاتب جديدة بالمنطقة، قد تؤمِّن لها الاتصال المباشر مع إيران، بعيداً عن سورية.

وقضية مكاتب وممثلي حماس أمر يدعو للحيرة، فكيف تسمح بعض الدول العربية بمكاتب لحماس أو بممثلين لها، وهي تعترف بالسلطة الفلسطينية التي لديها وجود رسمي في الدول العربية؟ فالسماح بمكاتب وممثلين لحماس يساعد على تقويض الوحدة الفلسطينية، ويقوي حماس، ويرسخ وجود رأسين للفلسطينيين.

من كل ذلك لا يملك المتابعُ إلا التساؤلَ عن جدية الهدنة ومغزاها، خصوصا أن حماس لا تظهر جدية في رأب الصدع الفلسطيني، والعودة عن الانقلاب مراعاة لمصلحة القضية نفسها، مثلما تراعي حماس مصالح السوريين والإيرانيين!

[email protected]