الأردن: أكذوبة حركت الشارع

TT

ثارت ثائرة المعلقين، واصحاب الرأي، وقيادات الأحزاب، على تصريح قيل ان روبرت كيغان أعلنه، ان الأردن هو الوطن البديل لفلسطين.

من هو كيغان الذي أثار كل هذه الضجة، وما القصة؟

كيغان هو مستشار مرشح الرئاسة الجمهوري الاميركي جون ماكين. والقصة ان موقعا الكترونيا اسرائيليا، اسمه فيلكا، زعم ان المستشار ألقى محاضرة في جامعة نيويورك جاء فيها، «انه ـ أي ماكين ـ يعتبر «الأردن الوطن الطبيعي لملايين الفلسطينيين من سكانه، وكذلك هو الحل الأمثل لقضية اللاجئين الذين ذاب أغلبهم في المجتمعات التي يقيمون فيها».

تصوروا من الذي صدق سريعا رواية الموقع الاسرائيلي؟ جماعة الاخوان المسلمين في الاردن التي ردت سريعا فهاجمت تصريح ماكين واعلنت انهم، «ضد هذه المشاريع ويقفون لها بالمرصاد»، وانهم «يبذلون النفس والنفيس دفاعاً عن ثرى فلسطين والأردن، ولن يقبلوا بغير فلسطين وطناً للفلسطينيين، ولن تمر هذه السياسات الظالمة على حساب الشعب الأردني البطل».

تبعه مكتب حزب جبهة العمل الإسلامي فقال، «لا يمكن لماكين أو غيره أن يقرر مصير الأردن». وشاركتهم رئيسة تجمع لجان المرأة أن «تصريحات ماكين خرقاء». واندلعت نيران الردود وتصريحات الاستنكار وشتم ماكين ومستشاره من فعاليات شعبية ونيابية، وكانت القوى المختلفة تستعد لتسيير المظاهرات احتجاجا على ماكين ومستشاره.

لكن احدا لم يسأل نفسه سؤالا بسيطا هل الموقع الالكتروني الاسرائيلي صادق؟ ولم يجشم اي شخص نفسه عناء ان يرفع سماعة الهاتف ويسأل المتهم، او مكتبه، او من يعرفه، ليتأكد من انه قال ما قيل انه قاله، وفي أي سياق؟ فنحن امام شخص مهم، وتصريحات خطيرة لم ترد الا على موقع الكتروني فقط كانت قطعا تستوجب التحقق منها قبل الرد عليها.

ويبدو ان الحكومة الاردنية نفسها اخذت بالحرب الكلامية ضد التصريحات الخطيرة، وهي لا تملك اي مستند ترجع اليه، وتتخذ موقفا منه او ضده. أخيرا، بعث احدهم رسالة الى روبرت كيغان يطلب منه نسخة من محاضرته في جامعة نيويورك، التي تحدث فيها عن الحل الاردني للفلسطينيين، لانه لم يجد لها اثرا. رد عليه كيغان الرسالة التالية، تحية طيبة.. طبعا لم تجد أثرا لمحاضرتي في جامعة نيويورك لأنني لم ألق محاضرة في جامعة نيويورك، ولم ألق اي محاضرة في نيويورك، ولم أفتح فمي بأي شيء حول الموضوع أصلا، ولا أعرف شيئا عنه، القصة كلها مختلقة».

ألا يبدو الموقف سخيفا جدا؟ كل هذه الهبة والمواقف الحماسية قامت على كذبة.

يمكن ان يتبنى ماكين او مستشاروه موقفا كبيرا ما لكن يستحيل ان يحدث ذلك دون ان تتناقله وكالات الأنباء المعتبرة، وتلتقطه السفارات المعنية. وبعدها يصبح الرد واجبا ولكل حادث حديث.

[email protected]