الذين كتبوا رواية واحدة!

TT

لم يكن أستاذنا العقاد قادراً على قراءة الرواية ـ أية رواية في ما عدا رواية «الإخوة كرامازوف» للأديب الروسي دستويفسكي. وكان ينصحنا بأن نجرب الصبر والخيال البديع وعشرات القضايا الفلسفية والجنائية والتاريخية في هذه الرواية.

ولم يكتب العقاد إلا رواية واحدة اسمها «سارة». وهو الذي يقول إنها رواية. وهي ليست كذلك وإنما أقرب إلى أن تكون مقالا في التحليل النفسي. ومحبوبة العقاد لم يكن اسمها سارة وإنما هي لبنانية مسلمة.

والرئيس عبد الناصر شرع في كتابة رواية ولم يكملها. وقد أجريت مسابقة لإكمال هذه الرواية. والزعيم تشرشل كتب رواية اسمها «سافرولا» سنة 1898 وكان في الثالثة والعشرين من عمره..

وموسوليني كتب رواية اسمها «عشيقة الكاردينال».

وقد سألت الأستاذ العقاد إن كان من رأيه أن «سارة» هذه رواية، فلم تكن شروط القصة الروائية متوافرة فيها. فلا عقدة ولا أحداث ولا شخصيات ولا تاريخ بينها، ولا حياة للبطلة، ولا هي تعيش بين الناس على وفاق أو خلاف. وإنما هي شخصية احتشد لها الأستاذ العقاد وراح يقلبها ويحللها، فالبطولة له وليست لها.

وقال الأستاذ العقاد كلاماً كثيراً عن معنى الرواية وإنه ليس من الضروري أن تتزاحم فيها الشخصيات والأحداث. وضرب مثلا رواية «الحرب والسلام» للأديب الروسي تولستوي. فقـــال إن فيها مائتي شخصية.

وكان من الممكن أن يكتفي تولستوي بعشر شخصيات أو حتى بخمس وتكون رواية عظيمة. ولكنه استعرض قوته بتوظيف هذه الشخصيات وأطال. حتى الكلاب في هذه الرواية لها ملامح خاصة، وقد أرهق نفسه والقراء أيضاً ـ فما كان أغناه!

ومع ذلك فسارة ليست «رواية»، وقد غضب الأستاذ العقاد وسكتنا على مضض!